صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

خارطة طريق لـ”إيزيديي العراق”

منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921 كمملكة ثم كجمهورية في العام 1958 يفتقد الايزيديون لتمثيل سياسي حقيقي في بغداد يدافع أو ينقل واقع المناطق الإيزيدية إلى العاصمة دون تشويش تشوبه صبغة مصالح شخصية أو حزبية.

وبعد سقوط النظام السابق تأملنا بتمثيل أفضل وأكثر حرية لنقل الواقع الايزيدي دون رتوش أو وصاية أو تبعية من أحد، ولكننا لم نجد ممثلا حقيقيا للواقع الإيزيدي إلى الان، فخلال فترة بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق، زاره وفد ايزيدي وبالتحديد من المجلس الروحاني الإيزيدي، حيث طالب الوفد باحتساب الايزيديين ضمن الكرد، وبالتالي إعطاء حقوقنا للقومية الكردية بحجة أن الايزيديين يتحدثون الكردية، وهذا يعني أن الأمر لو تم فانه سيكون للايزيديين حقوقا مثل الكرد، الا أن الحقيقة تقول غير ذلك فقد بقي الايزيدية مهمشين من قبل الجانبين المركز والاقليم وسط دكتاتورية منظمة في مناطقهم من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني لابقاء صوت الايزيدية مكتوما مع إعطاء تمثيل ايزيدي لبعض الشخصيات الايزيدية ذات الانتماء الكردي.

الايزيديون كانوا يفتقدون لتنظيم بيتهم الداخلي مع تدخل أحزاب كبيرة زادت من تشتتهم وابتعادهم عن بعضهم، ويعود ذلك الى أن لهاث كبار الايزيديين وراء مصالحهم الشخصية مع الأحزاب الكردية، الامر الذي جعل أتباع الديانة العراقية القديمة يفتقدون إلى التمثيل الحقيقي في بغداد، وبالتالي فان الاخيرة لن تفعل لهم شيئا، لأنهم رموا جميع بيوضهم في سلة أربيل، وهذه جريمة بحق الايزيديين كشعب مغلوب على أمره عانى ما عاناه من ويلات وإبادات بفعل الجار قبل الغريب.

لست بصدد توجيه الاتهام للكرد، بسبب اختزال الوجود الإيزيدي بهم في بغداد، لكني أتمنى أن يجد الايزيديون تمثيلا حقيقيا لهم في بغداد، تمثيلا مستقلا مخلصا وملبيا لتطلعاتهم، وهنا على الحكومة العراقية فتح أبوابها للإيزيديين مرة أخرى والقيام بعدة خطوات تتلخص في ما يلي:

1- فتح تحقيق حقيقي في أسباب سقوط مناطق سنجار وبعشيقة.

2- الاعتراف بالابادة الايزيدية ومساعدة الأمم المتحدة في التحقيق خصوصا وأن العراق قد أصدر قرارا رسميا يؤكد فيه استعداده لتقديم المساعدة في التحقيقات التي ستجري في سنجار.

3- تنظيف مدن سنجار وبعشيقة من الألغام والعبوات، بعد تأخير غير مبرر لأكثر من عام وكأنه مقصود.

4 – منح الايزيديين حق حماية أنفسهم وإدارة مناطقهم بأنفسهم.

5- إعادة إعمار المناطق الايزيدية كافة، ما سيوفر فرص عمل كثيرة هناك، خاصة مع رغبة الكثير من الدول إعادة إعمار تلك المناطق.

6- إزالة التغيير الديموغرافي في مناطق الشيخان وسنجار ورفع الحيف الذي أصاب الأهالي، بما يضمن الحفاظ على هوية تلك المناطق كمناطق ايزيدية عراقية.

7- إقرار قانون الأحوال الشخصية الخاص بالايزيدية.

8- فتح دائرة أوقاف خاصة بالايزيديين في بغداد وعدم ربطها بالديانات الأخرى.

9- تشكيل لجنة تقصي عن مصير المخطوفات والمخطوفين الايزيدية.

إن وجود حماية إيزيدية عراقية لمناطق الايزيدية ستضمن إيصال صوت الايزيديين بكل شفافية إلى بغداد والعالم ولن يكون صوتا مشوشا، وهذا الأمر ليس بالمستحيل، بل نستطيع ضمان عدم اعتقال الناشطين والصحفيين الايزيديين عندما يوجهون انتقادا إلى مسؤول ما في مناطقهم.

ولو تحققت النقاط اعلاه استطيع ان ارى انه من المحتمل أن تكون هناك هجرة معاكسة للعراق من خلال تنمية مناطقهم فإنهم لا يريدون ترك أراضيهم وبالأحرى انهم لا يريدون ترك وطنهم الأم العراق أساسا لولا الضغوط السياسية والدينية عليهم، وقبل أيام وانا أسأل أحد الأطباء المغتربين في ألمانيا وهو صديق عراقي إيزيدي عن جواب صريح حول الأوضاع في العراق، أجابني ان استمرت الاوضاع في التقدم وفرض القانون في كل مناطقنا، وخضعت مناطقنا الى الإدارة الايزيدية، بما فيها حمايتنا لأنفسنا، حينها أستطيع القول إني أفكر في العودة الى العراق والاستقرار والعمل فيه.

للايزيديين قوات مهمة، إذا ما اتحدت فيما بينها، وعادت مناطقهم مع بقية المناطق الاخرى عراقية، فإننا سنكون أمام قوة تتألف من عشرة آلاف عنصر أمني و عسكري و هذا شيء تاريخي لهم ومحفز لهم يعطيهم الأمان مستقبلا، ولكن تبقى أن يتحدوا من أجل شعبهم تحت اسم العراق.

العراق أمام فرصة ذهبية لكسب احد اقدم مكوناته الدينية والثقافية من خلال فتح الباب لهم، أمام وجوه جديدة شبابية ستظهر قريبا، وستكون فعالة ثقافيا واجتماعيا وإصلاحيا وسياسيا، وبالتالي فان خلق جيل إيزيدي عراقي قوي يستحق تمثيل أتباع الديانة العراقية القديمة في المستقبل بدعم عراقي لهم، تصلح أن تكون خارطة طريق للمستقبل.

أقرأ أيضا