صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

خيارات التعامل مع أزمة إقليم كردستان

أصر السيد مسعود البرزاني على إجراء استفتاء الانفصال بالرغم من الدعوات المحلية والإقليمية والدولية الكثيرة التي حاولت ثنيه عن ذلك الإجراء، وقد تضمنت تلك المحاولات عروضا مغرية لإقليم كردستان كان بالامكان استثمارها لتعزيز حضور قادة الاقليم في الساحة السياسية الدولية.

هذا الإصرار كان مستغربا لدى المتابعين الذين يعتقد الكثير منهم ان رفض تلك العروض يخفي وراءه اسرارا خطيرة.

الان وبعد أن أجري الاستفتاء بدأ المركز باتخاذ خطوات عملية لفرض سيادة الدولة على كامل الاراضي العراقية، وقد تزامن ذلك مع عمليات تطهير قضاء الحويجة من عصابات داعش الارهابية والتي استطاعت فيها قواتنا الأمنية فرض سيطرتها التامة على القضاء بعد معارك شرسة.

وعلى الرغم من الدعوات الكثيرة لخفض التوتر في محافظة كركوك نجد أن يدا خفية واخرى معلنة تحاول جر المحافظة الى مواجهات مسلحة بين القوات التابعة للمركز والبيشمركة التابعة لحكومة الاقليم، وقد تمثلت تلك المحاولات ببث الشائعات عن نية الحكومة المركزية اقتحام مدينة كركوك بالقوة، فضلا عن تحشيد الآلاف من المقاتلين بكامل عدتهم في المحافظة وإطلاق تصريحات استفزازية على الرغم من اعلان السيد رئيس الوزراء مرارا وتكرارا عن التزامه بالدستور العراقي في حل الأزمة، وحماية أبناء العراق من كافة المكونات.

ما يحصل اليوم من استفزازات خطيرة يمكن أن تؤدي إلى فتنة لا يستطيع أحد التكهن بنتائجها او أمدها لأنها ستكون أرضا خصبة لاطراف عدة تلتقي مصالحها مع إطالة امد نزيف الدم العراقي.

الجديد في هذه الأزمة انها بدأت تستدرج المكون الكردي الى ذلك النزيف بعد ان كان يعيش حالة من الرخاء والاستقرار طول السنوات الماضية.

ان حلم الدولة الكردية الذي يعيشه الكثير من الاخوة الكرد قد يصبح كابوسا مرعبا فيما اذا تحقق في ظل الظروف الراهنة؛ لأنه سيجعل من الاقليم دولة ضعيفة عاجزة عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم لأبنائها فضلا عن عدم قدرتها على صد الهجمات الخارجية التي قد تستهدفها، خصوصا في ظل وجود رفض إقليمي لقيام تلك الدولة.

ان الخيار الأمثل والمنطقي الذي يجب أن يلجأ له الجميع هو الاتفاق على العيش في عراق موحد يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات، والاحتكام الى المشتركات الكثيرة التي تجمع أبناءه وفي مقدمتها الدستور الذي يعتبر وثيقة وطنية وعقدا اجتماعيا مرضيا لجميع الأطراف.

هذه دعوة من مواطن عراقي عاش في بلد مأزوم طوال السنوات الاربعين التي عاشها فيه، وهي نصيحة الى الاخوة في الوطن بكل قومياتهم ودياناتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية.

ليس من المناسب لشعب يضرب تاريخه في عمق الحضارة الإنسانية ان يعجز عن توفير العيش الكريم لأبنائه، وليس مناسبا ان يتحكم به أشخاص لا يهمهم الا مصالحهم الخاصة ولو على حساب إراقة الدماء!!

أقرأ أيضا