صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

دعوة رئيس الجمهورية لتعديل الدستور

بتاريخ 16/9/2019 صدر بيان من رئاسة الجمهورية تضمن من بين فقرات أخرى إن  السيد رئيس الجمهورية سيرعى “مؤتمرا وطنيا من أجل إعادة النظر بالدستور وفقراته”، وهي دعوة مهمة وضرورية رغم إنها متأخرة (14) عاما، فكان المفترض تعديل الدستور في الأربعة أشهر الأولى لدورة مجلس النواب الأولى عام 2005حسب ما نص عليه الدستور. ورغم إني من أول من كتبوا عن ضرورة تعديل الدستور أو تغييره بالكامل بعد الإستفتاء عليه عام 2005، بل حتى قبل ذلك التاريخ عندما نشر في وقتها قانون إدارة الدولة الذي أعتمد كمصدر اساس لمواد الدستور، لكن الفرق بين قانون إدارة الدولة والدستور، هو إن الأول إبتعد عن التوصيفات الطائفية والإثنية عكس الثاني، والأول كان أكثر إقترابا من تأسيس دولة مدنية من الثاني رغم إن من كتب قانون إدارة الدولة أميركيان غير متخصصين بالفقه والقانون الدستوري ومع ذلك كان قانون إدارة الدولة –الذي إنتقدته سلبا في حينه- أفضل بما لا يقاس بالدستور الحالي الذي وضع إسفينا بين مكونات المجتمع العراقي الذي لم يكن ينظر أفراده إلى بعضهم من زاوية إنتماءهم الطائفي أو الإثني.

خطورة الدعوة إلى تعديل الدستور تكمن في من ستوكل إليه هذه المهمة؟ هل هم زعماء الطوائف الذين أشبعوا الدستور توصيفات طائفية لا موجب ولا معنى لها غيرضمان مصالحهم على وفق إنتماءاتهم الطائفية؟ هل سيتم إختيار (55) فردا آخرين ليعدلوا الدستور فيضيفوا عليه ما يتلائم مع مصالحهم الآنية كما سبق أن فعلوا؟ أم إن العملية ستوكل هذه المرة إلى رجال قانون وفقه دستوري وأساتذة إدارة واقتصاد؟ فإذا كان الأمر كذلك فالدعوة ستكون منتجة وسيكون الدستور بعد التعديل أفضل من الدستور قبل التعديل بكل تأكيد، أما إذا كان من سيقوم بتعديل فقرات الدستور هم من السياسيين الذين فشلوا في المرة السابقة بكتابة دستور وطني جامع خالي من التوصيفات الطائفية والإثنية والعرقية فسيكون الدستور بعد التعديل أسوأ بكثير من الدستور قبل التعديل.

وإذا كانت الدعوة منطلقة إستجابة للإحتجاجات الشعبية المطالبة بإلغاء مجالس المحافظات والتشكيلات الفاشلة الأخرى، فأقترح أن يصار إلى إستفتاء وطني لمعرفة واستيضاح آراء المواطنين في المسائل الجوهرية في الدستور، وأن تتضمن ورقة الإستفتاء على التعديلات أسئلة للمواطنين عن آراءهم في المسائل المهمة مثل:

هل أنت مع نظام الاقاليم؟

هل تفضل أن يكون النظام الفيدرالي بين إقليمين فقط أم إبقاء الأمر مفتوحا لأقاليم جديدة؟

هل تؤيد إبقاء مجالس المحافظات؟

هل تؤيد توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية؟

هل أنت مع فصل الدين عن السياسة؟

هل أنت مع إعطاء رئيس الجمهورية صلاحية حل مجلس النواب؟

هل تؤيد إبقاء سياسة الإجتثاث؟

هل أنت مع تعديل الدستور كل عشر سنوات؟

وغير ذلك من الأسئلة التي يمكن أن تفضي إلى دستور يمثل الإرادة الحقيقية للمواطنين، وليس دستورا يمثل إرادة قوى سياسية لا تمثل إلا ما نسبته 20% من مجموع الشعب العراقي كما أثبتت الإنتخابات الأخيرة، على أن تقوم بإجراء الإستفتاء مفوضية إنتخابات مستقلة فعلا تقوم بإختيار أعضاءها ومدراء مكاتبها بعثة الأمم المتحدة في العراق UNAMI، وإلا فإن النتيجة ستكون مثل نتيجة الإنتخابات الأخيرة “مزورة ومطعون في شرعيتها”.

nsaif_jassim@yahoo.com

أقرأ أيضا