فاق حفل تتويج الإمبراطور ترامب يوم أمس من حيث عنجهيته ولغته الفظة وتهديداته السمجة الخارقة وخروقاته حتى لما يسمونه هم “مبادئ القانون الدولي” كل الحدود المتوقعة. وقد بلغت تصريحاته درجة التهديد بضم دول مستقلة وذات سيادة مثل كندا وبنما وبفرض ضرائب ورسوم تجارية عالية على “دول أجنبية لزيادة ثراء مواطنينا” كما قال حرفيا، وتغيير أسماء جغرافية موروثة كخليج المكسيك إلى “خليج أميركا”، واعتبار المهاجرين غير الشرعيين مجرمين بالملايين يجب طردهم ونشر الجيش على الحدود مع المكسيك، وقف العقوبات الرمزية على المستوطنين الإسرائيليين كمكافأة لنتنياهو على حرب الإبادة التي يشنها على الفلسطينيين وخاصة في القطاع. وقد بادر هذا الأخير إلى إطلاق سراح أربعة قتلة من المستوطنين كانوا تحت الاعتقال الإداري ما يعطي رسالة واضحة إلى جميع المستوطنين الآخرين بقتل الفلسطينيين.
وفي الولايات المتحدة ذاتها أصدر ترامب عفوا عن نحو 1500 شخص اقتحموا مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من كانون الثاني -يناير 2021، وخفف أحكام 14 عضوا من منظمتي براود بويز وأوث كيبرز اليمينيتين المتطرفتين.
*أوروبا البائسة والتي اختارت طوعا أن تكون ذيلا لواشنطن في كل شيء تعيش حالة طوارئ وهلع من إجراءات ترامب المنتظرة والتي قد تتركها عزلاء جوا وبحرا في مواجهة روسيا وغيرها. والصين تنتظر حربا اقتصادية ضارية ضدها، وإيران تعيش حالة طوارئ بدورها وقد توجه لها ضربة جوية مدمرة. ودول أميركا اللاتينية ذات الحكومات التقدمية المستقلة تنتظر الكثير من الابتزاز والعدوانية الأميركية في الفترة القادمة! وهكذا لم يبق أمام ترامب سوى أن يصدر قرارا باستعباد ملايين البشر في هذه القارة أو تلك.
كل هذه العدوانية وهذا الإمبراطور الأهوج يقدم نفسه كرجل سلام ويطمح إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام ويجد من يصفق له، لم لا؟
*إن ترامب والمعجبين به والمصفقين له من الساسة الفاشلين الطامعين بالحلول محل الحاكمين حاليا في بعض الدول ينسون دروس التأريخ القديم والحديث والتي أكدت؛ أن العدوانية الإمبريالية مهما كانت عنيفة وشرسة فهي تثير ردود فعل من شعوب العالم المستهدفة تتلاءم وتلك العدوانية. وإن الإنسانية تبتكر دائما حلولها الدفاعية المضادة للعدوان والاضطهاد والإرهاب الإمبريالي.
*الأكيد أن الأربع سنوات التي سيحكم فيها هذا الإمبراطور الفاشي المتعجرف ستمر وتدخل الذاكرة الجمعية للشعوب وتصير حكايات وذكريات كما مرت عهدته الأولى ولن ينجح في إركاع البشرية، فعصر الأباطرة وأنصاف الآلهة قد ولى ولن يعود، والإنسانية لن تركع وخاصة الشعوب المكافحة والتي أنجبت حركات مقاومة شجاعة كما هي الحال في فلسطين ولبنان!
لن يقف في وجه الإمبراطور الدموي سوى حركات المقاومة فهي التي ستحول أحلامه الهمجية الاستعمارية البغيضة إلى كابوس، وسيدخل ترامب التاريخ بعد سنواته حكمه الأربع كمجرد رئيس ملياردير جاهل ومعتوه أوصله فساد وفشل وخيبة الليبراليين الأميركيين في الحزب الديموقراطي إلى الحكم فأحدث بعض الضجيج في هامش التاريخ ثم تلاشى … والأيام بيننا!