صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

رحيم العكيلي.. سلاما

حدثان بعثا الأمل لدي بشأن إدارة القضاء الآن تسير بخطى عملية وعلمية لتحقيق العدالة ما أمكنها ذلك، أولاهما اتصال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس القضاء الأعلى بي للاستعلام عن قضيتي التي سبق نشرها في جريدتي “العالم” و”العالم الجديد”، ومواقع الكترونية عديدة، والتي كنت فيها ضحية عملية نصب واحتيال أمام مرأى القضاء وبمساعدة فاسدين صغار من منتسبي الشرطة المحلية -مع الأسف-، ولا أعلم إن كانت الالتفاتة ستفضي إلى شيء لصالحي، لكن مجرد التأكد من وجود من يتابع شكاوى المواطنين في قمة السلطة القضائية يعد أمرا باعثا للاطمئنان وشيء يحسب لصالحها بكل تأكيد.

الأمر الثاني، هو عودة رحيم العكيلي الى بغداد بعد أن كيلت اليه تهم غريبة وعجيبة حكم على بعضها غيابيا، ومن هذه التهم (تنفيذ أوامر القبض داخل مؤسسات الدولة)، والثانية (إيداع موقوفين في مبنى حماية الشهود)، والتهمة الثالثة (تعيين اشخاص ونقل اخرين مع العلم بوجود سوابق لديهم- الغريب في هذه التهمة- كما ذكر رحيم العكيلي في أحد اللقاءات التلفزيونية- هو ان احد الاشخاص المتهم رحيم العكيلي بتعيينه، ضابط استخبارات ، لم يعينه رحيم العكيلي اصلا، بل هو معين في الهيئة قبل ترؤس القاضي رحيم لها بثلاث سنوات، و تم تعيينه مؤخرا بعد خروج القاضي رحيم من الهيئة بمنصب مدير عام!) التهمة الرابعة طبع مشروع قانون مكافحة الفساد– المبلغ الكلي لهذه “الصفقة” هو (700) دولار امريكي فقط – والتهمة الخامسة (ايفاد عشرة موظفين لتعلم اللغة الانكليزية) هذه هي التهم التي وجهت الى القاضي رحيم العكيلي الذي عرفت عنه إنه كان شديدا جدا مع موظفي هيئة النزاهة، بل كانت هذه هي إحدى أبرز الخصال التي تميز بها إبان إدارته الهيئة.

لا أقول، -ولا يدعي القاضي رحيم العكيلي أيضا -إنه حارب رؤوس الفساد فهذا أمر لم يفعله هو ولن يفعله غيره، لعدم توفر الإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد أولا، ولعدم وجود تشريعات توفر البيئة القانونية السليمة لمكافحة الفساد، بل إن هناك قوانين تكبح عملية مكافحة الفساد مثل ضرورة استحصال موافقة المسؤول الأعلى بشأن التحقيق أو إلقاء القبض على موظف في دائرته بتهم تتعلق بالفساد، ما يعني ضرورة موافقة اللصوص الكبار-إن كانوا فاسدين- على التحقيق مع إتباعهم من “افراد العصابة”.

أستطيع أن أدعي إني كنت أحد المساهمين في إنشاء هيئة النزاهة بل كنت من أوائل من دخل أولى بناياتها التي إتخذت من إستعلامات إحدى بوابات القصر الجمهوري السابق مقرا لها، وقد رشحت لها خيرة الأشخاص الذين ركنوا بعد ذلك في زوايا بعيدة جدا عن التحقيقات رغم إن أغلبهم رشحوا ليكونوا (محققين)، وكان المفترض أن أكون أنا رئيس القسم الفني للتحقيقات لولا إعتراض ضابط أمريكي على ذلك لأني كتبت في إستمارة التقديم (تم توقيفي مرتين في زمن النظام السابق وافرج عني) وكتبت له رسالة باللغة الإنكلزية بعد رفضه تعييني لهذا المنصب ما ترجمته بالنص (إن ما اعتبرته سببا لرفض تعييني أعتبره محل فخر بالنسبة لي كوني لم اسقط في مستنقع صدام القذر، وإذا كان قرارك هذا يعني عدم تعيين إلا البعثيين لأنهم الوحيدون الذين لم يسجنوا زمن صدام حسين فلا يشرفني العمل معكم)- الإضبارة والرسالة باللغة الإنكليزية موجودة حاليا ضمن الأضابير القديمة المرفوضة- البعثيون يعيشون أفضل حالاتهم في الهيئة، وأفضل المحققين في أبعد الأماكن.

كانت الرؤية السابقة المفترضة لعمل التحقيقات أن يكون التحقيق مهني يقوم به اشخاص من ذوي الإختصاص بمرافقة شخص قانوني، وليس بالطريقة المتبعة حاليا والتي تركز على المخالفات (القانونية) التي سوف لن يجدها أحد، فمثلا، كيف سيجد “القانوني” مخالفة في أن كلف بعض المشاريع تساوي ثلاثة أمثال كلفتها الحقيقية إذا كانت كل أوراق الإحالة والمباشرة وكل شيء يشير إلى صحة “الإجراءات القانونية)؟

لم التق القاضي رحيم العكيلي في حياتي، ولم أتحدث معه ولا مرة بإستثناء إحدى المرات على صفحة التواصل الإجتماعي (الفيسبوك) للإستفسار منه عن موضوع قانوني بحت، وما دفعني لكتابة هذا المقال ضرورة الإشادة باي فعل إيجابي يصدر عن أية مؤسسة عسى أن يسهم ذلك في إشاعة روح الأمل بين الناس، وإنصاف من يستحق الثناء والإنصاف.

أقرأ أيضا