صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

ساسة العراق وتجربة توماس اوستن

توماس اوستن المستوطن الانكليزي، الذي تلاعب بالنظام البيئي، وكاد أن يدمر دولة استراليا بقصد او من دون قصد عن طريق ادخال أرانب برية الى استراليا خلال العام 1859، استورد توماس أوستن 24 أرنبا بريا من إنكلترا قبل أن يقدم على إطلاق سراحها في الغابة في سعي منه لتشجيع رياضة الصيد التي كانت منتشرة بموطنه الأم. وبادئ الأمر، تكاثرت هذه الأرانب بشكل بطيء حيث حافظت الحيوانات المفترسة على نوع من التوازن بالمنطقة لكن مع تراجع أعداد الأخيرة منتصف ستينيات القرن التاسع عشر سجّلت أعداد الأرانب ارتفاعا مذهلا. وبعد مضي أقل من 70 سنة على إطلاق سراح 24 أرنبا من قبل توماس أوستن، تجاوز عدد الأرانب بأستراليا خلال عشرينيات القرن العشرين 10 مليارات، وعلى حسب العديد من التقارير كانت الأنثى الواحدة قادرة على إنجاب ما بين 18 و30 أرنبا بالعام الواحد، فضلا عن ذلك هاجرت هذه الأرانب لتنتشر بمختلف أرجاء أستراليا.

وكانت النتيجة سيئة للغاية، فقد أحدثت الأرانب أضراراً بالغة بتلك البلاد، حيث قضت على الحشائش والمراعي التي ترعاها الأغنام، وقد بذلت محاولات عديدة للسيطرة على الأرانب، وبنيت أسوار عبر القارة في كوينزلاند بلغ امتدادها 7000 ميل ومع ذلك ثبت عدم فائدتها، فقد استطاعت الأرانب أن تتخطاها، ثم استخدم نوع من الطعم السام، ولكن هذه المحاولة باءت هي الأخرى بالفشل، ولم يمكن الوصول آلى حل إلا في السنوات الأخيرة ، وكان ذلك باستخدام فيروس خاص يسبب مرضاً قاتلاً لهذه الأرانب هو مرض الاورام المخاطية.

الأمنيات شيء والواقع شيء اخر، هذا هو توماس اوستن الذي أقصده ربما كان قصده بطيب نية أن ينقل تجربة أو رياضة صيد الأرانب الى أستراليا، لكنه كاد أن يتسبب بتدمير قارة أستراليا لولا اللطف الألهي.

رحل توماس اوستن قبل اكثر من 150 عاما، لكن بقيت أفكاره وأعماله باقية إلى ابد الدهر، فقد استنسخ السياسيون العراقيون بعد عام 2003 تجربة توماس اوستن في حكمهم للبلاد عن طريق ادخال اعداء العراق الى الداخل بحجة تحرير ومساعدة العراق وشعبه من نظام ديكتاتوري.

لكن في الواقع، كان عكس ذلك تماما، فقد ادخلوا المحتل في سبيل الحصول على الحكم والمناصب والمغانم غير مكترثين لبلد اسمه العراق حكمهم استمر قرابة العقدين ودمروا بلدا عمره مئات الاف من السنين وانا لا اتحدث عن فسادهم أو خياناتهم فقط، بل اتحدث عن أزمات قد تعصف في العراق مثل أزمة المياه والتصحر وغيرها من أزمات لا تسعني ذاكرتي السمكية أن أذكرها.

لا توجد احزاب في العراق، أنا وجميع الشعب العراقي متأكدون تماما أنه لا يوجد في العراق شيء اسمه أحزاب سياسية، كلها دكاكين لمصالح شخصية وفئوية ولا يستطيعون إدارة دولة بحجم العراق.

وحتى الاحزاب الجديدة التي تلبس ثوب العلمانية والمدنية هي في الحقيقة مدعومة من احزاب اسلامية مشاركة في الحكم، ولكن بسبب خسارة هذه الاحزاب في الحصول على مقاعد في الانتخابات وسئم الشعب العراقي منهم قرروا دعم وإنشاء احزاب جديدة، تارة تحت اسم العلمانية وتارة اخرى تحت اسم ثورة تشرين.

نحتاج الى قيادة جديدة، نعم نحتاج لقيادة جديدة نعم جديدة تقود البلاد الى بر الامان قيادة من الشباب همها الوطن قيادة ليس لديها اي ميول طائفية أوقبلية اواحزاب اكل عليها الدهر قيادة من الشباب الحريص علي العراق قيادة حقيقية تؤمن بالهوية العراقية قيادة جديدة تهتف (بروح بدم نفديك ياعراق) وليسى قيادة تهتف (بروح بدم نفديك يا زعيم).

اذا كانت استراليا قد صمدت لمدة 90 عاما حتى تخلصت من أرانب توماس اوستن، فلا أظن أن العراق سيصمد لنصف المدة في ظل الأزمات التي تحيط به.

أقرأ أيضا