مشت ستمائة سيارة علامة “التويوتا” اليابانية، رمادية اللون، رباعية الدفع، محفور في ماكناتها ما يطلق عليه الميكانيكيون “رقم الشاصي” مضادة للرصاص، جلس في داخل كل سيارة منها السائق مع أربعة أشخاص يحملون البنادق الآلية وصناديقها الخلفية محملة بالمتفجرات والعتاد. سيارات “صنعت في اليابان” وشحنت نحو تركيا حتى الحدود العراقية في منطقة “فوزي باشا” واندس في داخلها ثلاثة آلاف إرهابي، وعبرت ممرات جبلية في شمال الوطن حتى وصلوا مدينة الموصل ليجدوا معسكرات خالية من الجنود والضباط، وهي في كامل عتادها، وليجدوا المصارف مفتوحة أبوابها وهي في كامل نقودها وسبائكها الذهبية! واختفت خطفا ضحية الصفقة الخبيثة عائلات مصلاوية عراقية برمتها، ولا أحد يعرف أعداد الضحايا والشهداء، ونخت نخوة الشرفاء الجنوبيين ليقدموا في الستة أشهر الأولى فقط ستة وثلاثين الف صبي لم تزغرد أمهاتهم في ليالي أعراسهم، بل زغردن وهم يعودون مكفنين بعلم العراق، وكلهم من أبناء الجنوب حين نخت نخوتهم الوطنية. وصارت الأحداث تلد أحداثا، والأحداث تلد أخرى ويختلط الحابل بالنابل وشهداء ينسون آخرين من زملائهم، وننشغل بالمستشفيات تشب فيها النيران، وتجف مياه الرافدين والشاطئ والأهوار، وتنطفئ الكهرباء في المدن، وننشغل أكثر بسعر صرف الدينار والدولار وتهريب العملة التي تنسينا تهريب المخدرات وبالتالي تهريب الدواعش! أحداث تلغي أحداثا وتنسيها، وتتوالى الأحداث ويتوالى النسيان، وهي سياسة صهيونية بامتياز وعبر التاريخ.
يومها سالت الدماء العراقية. وخطفت صبايا العراقيين. وانتهكت أعراضهم. وديست كراماتهم. وتفتتت وطحنت شواهد التاريخ في المدينة، ومالت منائرها وتهاوت وتبعثر صوت المؤذن بين أنقاض المدينة الخربة.
الصفقة يابانية من الأساس. وسؤالي الشخصي، من عقد صفقة سيارات “التيوتا” هذه، ومن قام بتحويل ثمنها وعبر أي مصرف من مصارف الأمة العربية أو بنوك الشرق الأوسط، تم تحويل العملة الصعبة التي تمنع المصارف أصحاب الحسابات العرب من تحويل أكثر من عشرة آلاف دولار من ودائع حساباتهم الجارية؟! فمن هو صاحب الحساب فردأ أم مؤسسة أم دولة، مملكة أم إمارة ملكية أم مملكة أم جمهورية؟! من هو صاحب الغترة والعقال وعباءة الصوف الذي دفع ثمن سيارات “التويوتا” رباعية الدفع هذه؟
من دفع ثمن الصفقة التي أراقت دماء العراقيين على سهول نينوى وامتزجت دماؤهم بمياه سد الموصل، من من العراقيين سأل نفسه مستفسراً عن صاحب الصفقة حتى نمسك بـ “راس الشليلة” ونعرف مصدر الارهاب بالشاهد والوثيقة المصرفية فيما هو معروف للعيان “لأن عالما يحتاج فيه المرء إلى شاهد لأثبات حقيقة واضحة كالشمس لهو عالم رديء سيء الإدارة”.. مطلوب لو مر رئيس وزراء يحمل شرف المواطنة العراقية، لا شرف العشيرة لكان أول سؤال في أول اجتماع لمجلس وزرائه أن يطلب من وزير خارجيته باستدعاء السفير الياباني لكي يستفسر من حكومته كي تستفسر من رئيس مجلس إدارة شركة سيارات “التيوتا” من أي مصرف أتتكم حوالة التصنيع لستمائة سيارة تويوتا رمادية اللون رباعية الدفع ومن وقع على أمر الصرف والتحويل وعبر أي من البنوك العربية المعتمدة أو الوسطية عبر بنك أوف أمريكا وسواه، مرت أوراق العملة الصعبة أو عبر البنوك والمصارف بمجموعها، تعبر من مصرف لآخر للتمويه أو لإنجاز عملية الغسيل حتى تختفي معالم الصفقة الأولى.
مطلوب معرفة صاحب الحساب الأول وبلد الحساب الأول. مطلوب معرفة اسم المصرف الأول، والمصارف الوسطية وصولا للمصرف الياباني الذي تودع فيه شركة سيارات “التيوتا” حساباتها.
وعلى العراقيين أفرادا أو مصارف وشركات الامتناع عن استعمال سيارات “التيوتا” في العراق واستيرادها، وحجزها في مقبرة للسيارات كشاهد على الإرهاب، لحين إعطاء المعلومات الكاملة للدولة العراقية، حتى تعرف أعداءها المعروفين، ولكن تعرفهم بالوثيقة وتحويل العملة عبر شبكة من المصارف التي تستهدف اخفاء “راس الشليلة”!
من هنا يتم تفكيك مؤسسة داعش بدءا من سجن أبو غريب وحيث كان يرتاح فيه أبو بكر البغدادي برعاية أمريكية وصولا إلى صبايا سوريا مرورا بسفوح وسفاحي جبال الأناضول وأرارات وشمال العراق ومجرمي البشرية الفاشلين حياتيا في بلدان أوربا، وصولا إلى نينوى عندما هدمت مدينة كانت من أجمل المدن يوما.. ونطلع على تل السبت وخلي ياخذنه الوكت!
سينمائي وكاتب عراقي