صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

شظايا مجتمع وبقايا أفراد

“خطاب الكراهية”، هذا هو عنوان كتاب للباحثة والاعلامية ندى عمران الصادر مؤخرا عن دار العالي، الكتاب مساهمة جادة من حيث الدرس والتطبيق، وهو في الاصل اطروحة اكاديمية، عنوان الكتاب وفصوله بمثابة تعريف وتدوين واحاطة بمضمون وشكل وآليات عمل هذا “الخطاب” الذي تفشى وتغلغل إلى غير قليل من وسائل ووسائط الإعلام، عبر رسائل التخويف والتسميم والمناكفة والغِل والتعالي، حيث يتعرض المتلقي الى كم غير متكافئ من الإخلال بجوهر الصلة التي يفترض بسويتها بين المُنتِج والمتلقي.

تساهم صفحات البحث بتتبع هذا المشكل بزوايا سياسية واجتماعية وتقنية، إن معاني الإكراه والنبذ والتهميش والاستفزاز والعزل والكراهية التي يتلبسها تاليا العنف بكل صوره هي ظاهرة تاريخية، الا انها اخذت تعبيرات وتجليات واسعة في زمننا، وهي في الاصل سلوك ردعي بدائي مركب، تحول لاحقا الى ثقافة (مسوغة ومبررة) اعتمدتها عموم السلطات: الدولة، العائلة،الاعلام، المؤسسات العقائدية بتعبيراتها: أحزاب، مليشيات، للوصول الى شظايا مجتمعات وبقايا أفراد، ومن ثم الارتداد، فالتحصن بقواقع العشيرة والطائفة والجماعة والحزب، وربما بإحدى تشكيلات المجتمع المدني!.

وواحدة من تجليات خطاب الكراهية والعداوة ماحدث إبان احتجاجات تشرين 2019- 2020، حيث عمدت وسائل ووسائط اعلام متنوعة (عززتها) استكانة ورخاوة اجتماعية مشهود لنا بها، لتشويه وتبشيع وتبهيت صورة ومعنى ذلك المشهد الملفت والمنير- مشهد الاحتجاجات- من خلال تسفيه رمزياته وتشريد عناوينه لتهيئة المنصة، وصولا لاغتياله وذبحه ودفنه بالحياة وبالحلال!.

إن وقائع الحياة السياسة والاجتماعية والاعلامية في العراق تدفع بأي باحث رصين وبمراكز البحث والمؤسسة الاكاديمية لمعالجة مثل هكذا معضلات سوسيولوجية، سبق للآخرين التعرض اليها بدراية وامعان بعد تجارب موجعة، بينها دراسات ولياهم رايش واريك فروم وميشال فوكو.. في نقد منظومات السياسة والمجتمع والاعلام.

إن تطبيقات خطاب الكراهية في التجربة العراقية هي نسخة مزيدة ومنقحة وفريدة عبر تفادي (عثرات وأخطاء) الجيران ومابعد الجيران، فالجموع المنتشرة اليوم في الشوارع وهي تزاول (ثقافة) المنع والاعتداء والتكسير والتخويف والتهديد، تثبت ريادتنا في الرداءة ايضا!.

أقرأ أيضا