بكل قوة أؤيد دعوات السيد مقتدى الصدر لمحاربة الفساد والمفسدين، والسيد له صولات في هذا المجال من وسط تياره الذي برز فيه بعض من حيتان الفساد. وسأختلف معه في تركيز جهوده لمحاربة الفساد والمفسدين من الوسط السنّي تحديداً، والأكثر تحديداً عندما يطلق عليهم بسنّة البناء كما يطلق على من مع السيد مقتدي بسنّة الإصلاح.
والسيد يعرف قبل غيره بالتأكيد، أن مساحة الفساد هي عباءة الدولة العراقية الحالية بكل تنوعاتها ومسمياتها ومن يمثل فيها من الطوائف والقوميات والأجناس والإثنيات.. لأ أحد خارج هذه العباءة باعتراف الجميع.. كل الجميع!.. نواب محسوبون على السنّة قالوا “كلّنا لصوص”!.. ونواب محسوبون على الشيعة قالوا “تقاسمنا الكعكة”! ونواب محسوبون على الكرد قالوا “لدينا فساد كثير”! لذا فمنطقيا يتوجب على دعوة السيد أن تتجه لمحاربة جميع الفاسدين الذين، الآن، يتقاسمون الكراسي ويتبايعونها حسب الأهمية..!
وهنا نسأل: هل خلت قائمة كراسي الـ14 وزيراً من الصفقات؟ هل ستخلو قائمة الثمانية من الصفقات؟ ومن باب الإنصاف فإن الطريق طويلة أمام صفقات على الوكالات والهيئات المستقلة إلى آخر السلسلة الطويلة أيضاً!
علينا والحالة هذه أن نضع برنامجاً تفصيلياً وواقعياً وممكن التطبيق لمحاربة كل الفساد عند الكل، في مشهد سياسي يفرّخ لنا بديناميكية عالية كتائب من الفاسدين والمفسدين والميليشيات الوقحة وأنصاف رجال دولة وجهلة وخائرين وفاقدي القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة ومترددين ونهازي فرص وحملة “ثقافة” اضرب واهرب والمعتاشين على الفضلات واللوكيين واللوكيلات!
هذه هي بعض من تفريخات اللوحة السياسية في البلاد.. فمن هو خارجها؟ ومن هو في عمق تفاصيلها؟ ومن هو لاهنا ولاهناك؟ مشهد عام مشوش وملتبس لا يفرّق في نتاجه العام بين سنّة وشيعة وكرد وغيرهم، فالابواب كلّها مشرعة للدخول في تكوينات اللوحة التي سيسجلها التأريخ المنصف كأسوأ مرحلة من مراحل التشكيل السياسي في البلاد منذ تأسيس الدولة العراقية قبل نحو مائة عام.
ومن لطائف العملية السياسية في البلاد، ان الفساد فيها بيّن ولا يحتاج إلى أدّلة أو “البينّة على من إدعى واليمين على من أنكر” فنحن لانبحث عن إبرة في كومة قش أو جريمة غامضة على طريقة الجرائم التي يكشفها المرحوم “شارلوك هولمز”.
جرائم الفساد لدينا والحمد لله موثقة بالصورة والصوت والرسائل والإعترافات والتسقيط السياسي الذي ليس كلّه كذباً! جرائم الفساد لدينا ليس “طابو ” للسنّة أو للشيعة.. جرائم تحتاج إلى من يضرب بيد من حديد خارج أطر الشعارات وإنما ببرنامج عمل وأهداف واضحة تضرب الفاسدين جميعاً بإختلاف التسميات والإنتماءات.. هذا هو الطريق السليم للخروج من مستنقع الفساد.