صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

طبقة الفشل “نفس العضّة ونفس الدكتور”

في احدى حلقات “تحت موس الحلاق” الكوميدية الناقدة، يرسل حجي راضي الحلاق ( سليم البصري) عامله عبوسي (حمودي الحارثي) للعلاج خارج العراق لانقاذه من خلل عقلي بسيط، وحين عودته من العلاج كان في استقباله حجي راضي وما ان صافحه حتى عضّه عبوسي من يده، فاقتنع حجي راضي بان العلاج لم يكن ناجحاً، لكن الحالة تحسنت نسبياً.

أحد أصدقائه من أهل المنطقة نفسها اصيب ولده بخلل في عقله أيضاً فطلب المشورة من حجي راضي، الذي نصحه بإرسال ولده الى نفس الدكتور الذي عالج عامله عبوسي، اقتنع الرجل بنصيحة حجي راضي وارسل ولده للعلاج خارج البلاد عند نفس الدكتور، وحين عودته من العلاج تكرر المشهد السابق، حين عضّ الولد يد ابيه وهو يصافحه عند استقباله في المطار، فصاح حجي راضي صيحته المشهورة التي ذهبت مثالاً في حديث الناس في وقتها وربما عند البعض حتى الآن: “نفس العضّه ونفس الدكتور”.

ومحايثة مع وضعنا الحالي فإننا في المأزق نفسه مع طبقة سياسية متنفذة فاشلة بكل المعايير والتصنيفات، حتى ان أي عراقي، مهما بلغ مستوى وعيه، لايحتاج الى دليل أو اقناع بان الفشل واقع في كل مفاصل حياتنا التفصيلية، وهو الفشل الذي حول حياة الناس الى جحيم، فهجرها من استطاع وبقي مع لوعاتها من تعذر له ذلك، والثمن مدفوع ممن هاجر فغرق أو أهينت كرامته أو ضاع في بلاد الله الواسعة، ومدفوع ممن بقي يعاني من كل تفاصيل الحياة البائسة التفصيلية.

وما زال السياسيون يصدّعون رؤوس الناس بأنهم حملة لواء التغيير والانقاذ، وهم انفسهم من حمل لواء الفشل واعادة البلاد الى مستويات محزنة من تدني كل شيء بما في ذلك المنظومة القيمية التي كانت بوصلة حضارية نعتد بها في سبعينيات القرن المنصرم، بل الأنكى من ذلك استبدلتها بمنظومة قيمية منحطة قائمة على أساس الفصل بين الناس على أساس العرق والطائفة والعشيرة والمنطقة والمحلة والولاء الشخصي.

منظومة قائمة على الانتهازية وثقافة الفرصة والاستحواذ وشرعنة الفساد المالي بل وحتى الاجتماعي ومحاربة حقوق الانسان والحط من قيمتها ومعاييرها وبث روح الكراهية، فاختلط الحاب بالنابل، لنرى انفسنا أمام مشهد اجتماعي مشوّه مغلوب على أمره بقيم قدسية خرافية غالبيتها مفتعلة ومصنوعة بعناية فائقة.

ولا تخجل هذه الطبقة السياسية الفاشلة من ظهور شخصياتها،بربطات العنق الحريرية،على شاشات الفضائيات، لتعلن تصدّيها مرّة أخرى لعلاج ما أفسدوه انفسهم عن سابق قصد وتصميم.. نعم عن سابق قصد وتصميم لأن وجودهم مرتبط وارتبط بهذه الفوضى وهذا الخراب، فالصراصير تعرف مكان معيشتها ونموها وتكاثرها، فكيف لنا ان نتصور ان العلاج يأتي على يد “دكتور” لم يفشل في علاج أمراض المجتمع بل انه أتخم الجسد الاجتماعي والسياسي العراقي بحفنة من الفايروسات الضارة التي اطاحت به الى هذا المستوى.. الكارثة اننا، على الاغلب، سنجرب نفس الدكتور لنتلقى نفس العضة.. فما هو الحل؟

 

أقرأ أيضا