صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“عبّارة الموصل”.. 40 يوما على الحادث

مرت أكثر من 40 يوما على حادثة عبارة الموصل (التي جرت صبيحة عيد النوروز 21 اذار مارس الماضي)، تلك الحادثة التي اهتزت لها أركان البلاد من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى غرب وحولت الفرح الى مأتم، والابتسامة الى دمعة، والاطمئنان الى هلع، حين غرقت العبارة التي كانت تحمل المحتفلين بأعياد النوروز وعيد الام، الفاجعة لم تتوقف هنا مثلها مثل العديد من الحوادث والفواجع التي تطال البلاد، فالمسائل في هكذا حوادث تتعدى الى ما بعد الكارثة، وما يترتب عليها من اهمال وعدم محاسبة المسؤولين او التستر عليهم واهمال الضحايا ماديا ومعنويا والاستمرار في اعطاء وعود كاذبة ليس لها اي اثر ملموس على ارض الواقع.

ما لفت انتباهي واقشعر له بدني قبل ايام، وانا اتصفح موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” شاهدت فيديو لطفل ناجٍ من حادثة الغرق يتحدث في لقاء تلفزيوني عن تجربته المريرة، قائلا “حين كنت احاول السباحة وانقاذ نفسي من الغرق لم اكن اسمع سوى اصوات البكاء للنساء والاطفال، وهذا ما اصابني بذعر وهلع حتى اليوم، فأنا لا أكاد اتحمل الان صوت بكاء طفل او اي شخص اخر”. واضاف “أنا افضل حالا من صديقي، فصديقي الاخر الذي نجا ايضا من الموت المحتم مازال في حالة نفسية سيئة، فهو لا يستطع حتى الخروج من غرفته”.

ما لفت انتباهي بأن مثل هذه الحوادث التي لا تكاد تنعدم في بلادنا، لا يلتفت البعض منا الى الجانب النفسي للناجين، ولا يسلط الضوء عليه، وكذلك الحكومة أيضا، تهمله مثلما تهمل الحادث بعد فترة حدوثه بقليل، بعد موجة تعاطف غايتها امتصاص غضب الشارع بعبارات وهتافات وتصريحات صحفية ليس لها اثر ملموس على ارض الواقع، إن ما اتمناه حقا ان تشعر الحكومة بضرورة اتخاذ خطوات جدية هذه المرة لتعويض اصحاب الكارثة الاحياء الذين نجوا من الحادث، ودعم اهالي الضحايا الذين فقدوا ذويهم، ماديا ومعنويا، وإخضاع المتضررين الى معالجات نفسية.

للأسف وبعد مضي كل هذه الفترة لا الحكومة الاتحادية ولا المحلية قدمت شيئا ملموسا بهذا الخصوص، سواء بشأن تعويض الأهالي، أو على مستوى محاسبة المتهمين والمقصرين، بل إن الأحزاب السياسية دخلت في معارك شرسة بينها للظفر بمنصب المحافظ المقال بسبب الحادثة، وكأن الأخيرة فتحت للجميع أبواب أمل سياسي جديد وليست فاجعة بحاجة الى معالجات حقيقية.

حتى أبناء الشعب الذين ابدوا تعاطفا كبيرا خلال ايام الحادث، نسوا الموضوع ولم يعودوا يضغطون على الحكومة كما فعلوا في البداية، الأمر الذي يعد سببا رئيسا في توقف الكثير من الملفات الامنية والسياسية والاقتصادية طوال السنوات الماضية.

أقرأ أيضا