من أكثر المفردات تكراراً على لسان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي كلمة (مواطنين)، فقد سمعناها حينما بدأ جولاته الصباحية لإحياء العاصمة التي أنهكها الخراب، وصار يرددها كلما فتح شارعاً من شوارع بغداد المغلقة بـ”الصبات الكونكريتية”، ما يجعلنا كمواطنين نشعر أن عبد المهدي يختلف حتى الآن عن غيره من رؤساء الحكومات السابقين سواءً بنوعية الكلام أو بأنماط التفكير والتوجهات.
وبما أنه ليس من الصواب بأي حال من الأحوال الكتابة في مديح المسؤولين حتى لا تنتفخ علينا ذواتهم أو تتضخم صورهم أكثر مما هي عليه إلا أن الإشارة الى ما هو إيجابي في توجهاتهم وأدائهم يعد بمثابة التشجيع أو التأييد للذهاب باتجاه زيادة خطوات الإصلاح التي ينتظرها المواطنون منذ سقوط النظام السابق وعلى رأسها الخدمات التي تمس حياة الناس بشكل أساسي.
إن ما يعيب الحكومات السابقة كثر انشغالها بالخصومات السياسية والتسابق نحو التوسع الحزبي والجماعاتي سواءً عبر الأشكال المشروعة أو الطرق غير السليمة وهو ما جعلها حكومات بعيدة عن الشعب لدرجة باتت واضحة من خلال عزوف غالبية العراقيين عن الانتخابات والذي كان بمثابة عقوبة جماهيرية للطبقة السياسية تنذر برفع الشرعية عنهم في أيّ فرصة تكون مناسبة.
وإذا ما كان عادل عبد المهدي قد انحاز في برنامجه الحكومي نحو الأغلبية المتألمة والتي تعاني كثيراً سيكون بالنتيجة صديقاً لها في حال استمرت عيونه بالنظر الى واقع حياة الناس والذي هو واقع مأساوي دون أدنى شك، حيث تفتك بأجساد الناس مختلف الأمراض ويعاني الكثير منهم جراء الفقر المدقع فضلاً عن البطالة وغياب القانون وانتشار النفايات ورداءة المياه وانقطاع الكهرباء علاوة على هبوط مستوى التعليم واستمرار الإستبداد الذي تمارسه الكوادر الحزبية.
إن ما يمكن أن نقوله لعادل عبد المهدي في هذه الأوقات باسم (المواطنين) هو عدم الإنشغال بتاتاً بضوضاء (المجتمع السياسي) ومناكفاته التي صارت ممللة والاهتمام أكثر بـ(المجتمع العام) الذي لا يشعر بالانتماء لغير الدولة ولا يجد غير الحكومة العادلة قوة يرتكن اليها لتحقيق طموحاته بالعيش الحر والكريم، فالمواطن هو الأساس في هذا البلد وليس زعماء الكتل أو أتباعهم الذين سوف يبتلعهم التاريخ آجلاً أم عاجلاً أو سيعاقبون ويهربون كما هرب الذين من قبلهم وحينها لن يجدوا من يترحم عليهم.