يعيش الشارع العراقي هذه الايام حالة من الترقّب لما ستفرزه التحركات السياسية والشعبية من نتائج يُعتقد أنها ستكون مؤثرة بشكل كبير في مجريات الاحداث وبالتالي على الحياة العامة للمواطنين، هذه الحالة لم تأتِ عن فراغ أو ترف فكري أو معيشي بل عن تخوّف وقلق من القطيعة الحاصلة بين الطبقة السياسية من جهة وجموع المحتجين في ساحات التظاهر من جهة أخرى، فالجميع يعتقد أن استمرار هذه القطيعة يمكن أن تكون نتائجها كارثية على العراق والعراقيين.
لقد خلقت التظاهرات أجواءً تكاد تكون مثالية للتصحيح ونجحت الى حد كبير في كسر شوكة الفساد والفاسدين وهيأت لمرحلة يمكن أن تمثّل منعطفاً مهمّا في حركة التصحيح التي ينتظرها العراقيون، ونجحت أيضاً في احراج الطبقة السياسية واشعرتها بخطورة الموقف وأوصلت الرسالة التي تدور في ضمير كل عراقي حريص على بلده، وهي الان أمام تحدٍ جديد يتمثّل بتقديم البديل المناسب الذي سيتولى ادارة البلد في المرحلة المقبلة.
نعتقد أن استمرار هذه النجاحات مرهون بمستوى قدرة القوى السياسية على التنازل للشعب واختيار الشخصية المناسبة لتولّي هذه المهمّة، وفي ذات الوقت فان جزءاً من المسؤولية يقع على الشعب ذاته لا سيّما جمهور المتظاهرين للتنازل عن جزء من سقف مطالبهم والوصول الى نقطة التقاء يتم من خلالها تمرير الشخصية المناسبة لإدارة هذه المرحلة، وهذا لا يعني الانسحاب من ساحات التظاهر بل نعتقد أنّ استمرار التظاهرات المنضبطة والسلمية والمراقبة للأداء الحكومي ستكون الادارة الفاعلة والمؤثّرة في مسيرة الاصلاح وتحقيق مطالب الشعب.
الدستور العراقي يحدد مسؤولية تكليف رئيس الوزراء بالكتلة الأكبر وهذه عقبة أخرى من عقبات تشكيل الحكومة الجديدة، والتي تجاوزتها كتلتا سائرون والفتح في العام ٢٠١٨ بحل توافقي نتجت عنه حكومة السيد عبد المهدي، ونعتقد أن استمرار هذا التوافق ضرورة ملحّة لتجاوز عقبة تسمية رئيس الوزراء والخروج بالبلد الى برّ الأمان، فالظروف التي يمر بها البلد والتحديات المحيطة به تلزم الجميع أن يكون بمستوى المسؤولية والتنازل عن المصالح الخاصة أمام مصلحة البلد والشعب.