صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

عودة داعش والتوقيت المشبوه

هناك مبدأ في الاستراتيجية: (لا قيمة لأي نصر عسكري، إلا بحدود تأثيره السياسي والنفسي)، في المناطق الغربية هناك ١٦٠ ألف شاب في الانبار تتراوح اعمارهم بين ١٥ – ٢٠ سنة وبحدود ٤٠٠ ألف من نفس الفئة العمرية في نينوى.. السؤال: في ظل بنية مدنهم التحتية المدمرة وفي ظل هذه الجيوش العاطلة عن العمل وانسداد افق الأمل بالمستقبل وعمق مشاعر الاحباط في نفوس هؤلاء الشباب، لا فرصة عمل يشعرهم بإنسانيتهم، لا مدرسة لا مستشفى،  لا بيت، لا عدالة في توزيع الثروة، مع بقاء الحال على ما هو عليه من هيمنة وتسيد سماسرة ومراهقي السياسة من ايتام المحاصصة الذين ولدوا من صفقات قذرة للمحاصصة في هذه المحافظات.

ياترى كم سيستغرق الوقت لهؤلاء الشباب لكي يتمردوا أو ينزلقوا للتطرف من جديد، لا سيما وإن “داعش” على الابواب، متى تحتاجها أميركا تحركها في الوقت المناسب.. وهذه الطبقة السياسية الهزيلة، مثل النعامة رأسها مدفون في التراب ومؤخرتها في الهواء، تطبل وتزمر لانتصارات، ولا تزال تتعامل مع التداعيات والنتائج وليس لديها الجرأة للنظر في استمرار أسباب ومحركات ظاهرة العنف المزمن، وكأن مشكلتها مع “الحجر” ولا تدرك لشدة غبائها إن مشكلتها في الأساس مع “البشر”.

قد تكون ضربات داعش المنفردة هنا أو هناك، مفهومة، لكن بهذا الحجم والقوة والزخم خلال الشهر الاخير حيث تجاوزت الثلاثين هجوما، فهذا أمر يحتاج إلى إعادة دراسة، لا سيما التوقيت الذي يثير الشبهات وأكثر من تساؤل حوله أو حول الجهات التي يمكن أن تستفيد من انبعاث قوة داعش في هذ التوقيت.

تلقت الولايات المتحدة في خضم صراعها مع إيران على الساحة العراقية، ضربة كبيرة بتصويت البرلمان العراقي على إخراج قواتها من العراق وانسحبت فعليا من معظم قواعدها وعلى وشك ان تتفاوض في حزيران على الانسحاب الكلي، لذا من الممكن ان يصب تصاعد عمايات داعش في مصلحتها لإفهام العراقيين عمليا ثمن انسحابهم من العراق ورفع الدعم اللوجستي الامريكي عنهم. من جهة أخرى فإن مكانة إيران قد اهتزت مؤخرا نتيجة تمرد قاعدة أحزابها الشعبية ضدها في جنوب العراق ووسطه وكذلك بسبب انشقاق فصائل الحشد وتمرد بعضها على أثر مقتل سليماني والمهندس، لذلك يأتي تصاعد عمليات داعش وتضخيم تهديداتها إعلاميا على إن داعش ستهاجم كربلاء، في صالح إيران وميليشياتها لتوحيد صفوف القواعد الشعبية واعادة رصها تحت ذريعة خطر داعش واستغلال نقطة ضعف العاطفة الطائفية في خاصرة الشعب العراقي في جنوب البلاد ووسطه.

مدير مركز دجلة للتخطيط الاستراتيجي

أقرأ أيضا