صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

قتله طمعه

هذا المثل يضرب لمن يسعى وراء طمعه حتى يلقى حتفه وقد تذكرته هذه الأيام لانه أصبح قريبا من الانطباق على السيد مسعود البرزاني الذي كان حديث الإعلام المحلي والعالمي بسبب الاستفتاء الذي أجري في ٢٥ أيلول الفائت، وعرضت عليه عروضا كثيرة ومغرية لتأجيله لكنه كان يضع شروطا تعجيزية للقبول؛ لانه كان يطمع بمزيد من العروض التي تمكنه من تعزيز نفوذه السياسي وتوسيع قبوله الجماهيري في إقليم كردستان، وكان ذلك بالمستطاع ايضا حتى بعد الاستفتاء لو انه وافق على تجميد نتائج الاستفتاء والدخول بحوار مباشر مع المركز، الا انه اختار التعنت والإصرار على موقفه.

كان يعتقد أنه بهذا الاجراء أصبح زعيما قوميا للأكراد، لكنه نسى او تناسى حجمه الحقيقي في الاقليم، ومدى امتعاض شركائه الكرد من سوء إدارته للاقليم خلال سنوات توليه الرئاسة هناك، وعدم احترامه لأية اتفاقية تجعل الشركاء يثقون به ويساندونه في مشروعه الانفصالي.

يبدو انه كان يعول على أطراف خارجية في مشروعه، لكنه أغفل حقيقة مهمة، وهي ان كل الأطراف الخارجية التي تدعمه تبحث عن مصالحها الخاصة؛ لذا فإن الخطأ الفادح الذي ارتكبه السيد البرزاني هو التعويل على الدعم الخارجي والتغاضي عن دعم الشركاء الأكراد لمشروعه، بل تجاهل كل النداءات الداخلية التي كانت تنصحه بتأجيل الاستفتاء الى اشعار آخر.

ويبدو لي ايضا أن السيد العبادي كان ملتفتا الى هذه الحقيقة واستطاع توظيفها لصالح وحدة العراق، وذلك عندما اشترط عليه إلغاء فكرة الاستفتاء والدخول في حوار مباشر لحل تلك المشكلة على اساس الدستور العراقي، لأنه كان يعلم يقينا أن إلغاء الاستفتاء والاحتكام للدستور امر لا يمكن قبوله من قبل السيد البرزاني.

وبذلك استطاع السيد العبادي تعرية البرزاني امام الرأي العام العالمي، وفي ذات الوقت استطاع كسب تعاطف الشركاء الكرد المعارضين لسياسات السيد مسعود البرزاني في إدارة إقليم كردستان؛ الأمر الذي اسهم كثيرا في سيطرة القوات الاتحادية على المناطق المتنازع عليها في وقت قياسي وبأقل الخسائر.

الان وبعد كل هذا نستطيع القول ان العراق تجاوز الى حد كبير مرحلة في غاية الخطورة تمثلت بزوبعة الاستفتاء وما أعقبه من تداعيات توقع الكثير انها ستدخل العراق في عتمة نفق مظلم لا يكون ثمنها الا مزيد من الاستنزاف البشري والمادي؛ الا ان الالطاف الالهية كانت حاضرة هذه المرة.

الموقف المشرف الذي وقفه اخوتنا في الاتحاد الوطني الكردستاني سيبقى راسخا في الأذهان؛ لأنهم اختاروا السلم وتجنبوا مواجهة اخوتهم من القوات الأمنية الذين دخلوا المناطق المتنازع عليها امتثالا لقرارات السلطة الاتحادية.

نأمل من بقية الاخوة الأكراد وهم اهل لذلك بكل تأكيد ان يتفهموا حراجة المرحلة وخطورة التصعيد الذي لا يكون ثمنه الا المزيد من النكبات لهذا البلد الجريح.

د. خليل الناجي

أقرأ أيضا