بدأ الشارع البصري بالامتعاض من الحكومة المركزية الجديدة رغم انه لم يمر عام على تكليف رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بتشكيل الكابينة الحكومية الجديدة. ويأتي ذلك بعد سلسة من التخبطات في اصدار القرارات, حتى ان البصرة باتت المحك الأهم في كشف الخدع والوعود غير القابلة للتطبيق، فبعد وعود رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في موجة الاحتجاج الاخيرة التي تمثلت باطلاق 10 الاف درجة وظيفية، كشف الشارع البصري زيف هذه الوعود وحجم الخداع أمام مرأى العراقيين جميعا.
فانتهى الامر بحلم الولاية الثانية، وهنا السيناريو يتكرر من جديد مع حكومة الرئيس عادل عبد المهدي، فبعد سلسلة التخبطات بدأت بتصريح هو الاول من نوعه، حيث قال بتاريخ 24 تشرين الاول (اكتوبر) 2018 انه سينهي العمل بالوكالة! وها نحن نصل الى الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الاولى، ولا زال الرئيس عادل عبد المهدي يدير كلاً من وزارة الداخلية والخارجية والتربية بالوكالة!.
كذلك إن تشكيل مجلس مكافحة الفساد الذي يعتبر من الناحية العرفية والقانونية خرقاً دستورياً واضحاَ, لان الجهات الرقابية هي من صلاحيات السلطة التنفيذية والسلطة القضائية المتمثلة بديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، ويضاف اليها مجلس القضاء الاعلى، إذ ليس من الصلاحيات التنفيذية تشكيل لجان رقابية لأنها بذلك تؤدي عملا ليس من اختصاصها، وبالتالي فانها تكون مقصرة في أداء واجباتها الرئيسية والاساسية.
وبعد كل ذلك، جاء خبر تشكيل لجنة إعمار البصرة برئاسة النائب هادي العامري رئيس قائمة الفتح مع وزير الشباب والرياضة السابق عبد الحسين عبطان. وهنا اكبر الاخطاء التي يرتكبها رئيس الوزراء، فحتى لو أخذنا الموضوع من منظور وطني وسلمنا أن الامر فيه نية صادقة, أيضا لكشفنا بعض الثغرات عن هذا القرار تتلخص بالنقاط التالية.
1- يعتبر هادي العامري نائبا في البرلمان العراقي للدورة الرابعة، وبذلك يشغل منصبه تشريعياَ ورقابياً، فما هي صلاحيات رئيس الوزراء التنفيذية لتكليف نائب برلماني بصلاحيات تشريعية؟ ألا يعتبر هذا الامر خرقا لمبدأ الفصل بين السلطات؟
2- الامر الثاني، والذي يعد أكثر خطورة من الاول، وهو أن النائب هادي العامري وعبد الحسين عبطان معروفان بانتمائهما الحزبي، فالاول رئيس كتلة الفتح والثاني اهم رجالات تيار الحكمة، بذلك اي نجاح الى هذه اللجنة سيعتبر نجاحاَ حزبياً، وستخرج الماكنات الاعلامية لكلا التوجهين (الفتح, الحكمة) بنسب هذا الانجاز لرجالات احزابهم بصفتهم الحزبية لا بصفتهم التنفيذية، خصوصاَ وأننا نقترب من انتخابات مجالس المحافظات، بذلك سهل عادل عبد المهدي الطريق أمام هذين الحزبين لكسب جمهور إضافي واستغلال اخر للصلاحيات الممنوحة وللمال العام من اجل عمل دعاية انتخابية من اجل زيادة الرصيد الانتخابي.
في نهاية الامر يُطرح السؤال التالي: لماذا كلف رئيس الوزراء شخصية عسكرية وقائدا لجناح عسكري في العراق وهو النائب هادي العامري بملف مهم مثل ملف إعمار البصرة، في حين يجب تسليم هذا الملف لشخصيات مهنية (تكنوقراط)، خصوصاَ وان وقت التسليم في بداية فصل الصيف اللاهب و تزامنا مع بداية موسم التظاهرات في البصرة؟ الجدير بالذكر ان مقرات الاحزاب قد تم حرقها في موجة التظاهرات الاخير من ضمنها مقر الحزب السياسي بدر والذي يترأسه هادي العامري؟ كل هذه الاسئلة تودي الى مزيد من فقدان الثقة اتجاه الحكومة المركزية بالنسبة الى المواطنين في محافظة البصرة والذي سينعكس تدريجياً الى بقية المحافظات.