صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

قلقون من تحركاته.. الصدر لا يشاور أحدا حتى حلفاءه المفترضين

زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر يريد حل البرلمان، وهذا مطلب طبيعي بعد ان قام الاطار التنسيقي بسلب التيار حقه في تشكيل الحكومة كونه فائزا باعلى المقاعد.

المشكلة في الطريقة التي يلجأ اليها الصدر في تحقيق تلك الخطوة عبر ذراعه الشعبية وتهديد شركائه والضغط على ما بقي من مؤسسات.

تلك الطريقة (الانفرادية في اتخاذ القرار) تثير قلق الجميع، حتى شركائه المفترضين السابقين في ما كان يعرف بـ “التحالف الكونكريتي“.

كان يمكن للصدر حل البرلمان حين كان نوابه في المجلس، ويمكنه اليوم ايضا حله بالتفاهم مع الآخرين وخاصة شركائه السابقين. وربما الكل بات مقتنعا ان حل البرلمان لا مناص منه وحتى غالبية الاطاريين متقبلون للفكرة.

لكن المشكلة في طريقة تحرك السيد الصدر وفي رغبته ربما الشخصية في استعراض “فرض الارادة” على الآخرين، بدل تحقيق هدفه عبر مساحة الحوار.

وهنا اذا كان الصدر يرفض الحوار مع قوى الاطار، ولا يثق بها، وهذا ربما حقه تجاه طرف منافس او مناوئ عطل مشروع حكومة الأغلبية التي سعى اليها. لكن لماذا لا يتحاور ويتفاهم مع الكرد ومع السنة وهم شركاء سابقون له؟

لماذا لا يقنعهم بجمع 120 نائبا (من السيادة والديمقراطي) وكسب 40 آخر من المستقلين للذهاب الى حل البرلمان بشكل طبيعي دون اللجوء الى خرق القواعد الدستورية؟

 لماذا يصر على اللجوء لفرض ارادته بقوة ذراعه الشعبية بكل ما يحمله ذلك من رسائل مقلقة للآخرين؟.

 اذا كان للصدر مشكلة مع الاطاريين تمنعه من التحاور معهم، فما الذي يمنعه من التحاور مع الكرد والسنة لكسب تأييدهم؟ لماذا يقرر كل شيء بشكل منفرد دون التشاور مع أطراف يمكن ان تكون شريكة وداعمة؟

هذه الطريقة في التفكير والعمل هي التي منعت الصدريين المعتصمين في البرلمان من الحصول على دعم كردي وسني لتحركهم.

الغالبية الساحقة من العراقيين يؤيديون اي حراك للاصلاح، لكن غالبيتهم متردد في دعم “ثورة عاشوراء” الصدرية، لأنهم متوجسون من أهدافها، ولا يجدون برامج واضحة لها، وتجاربهم السابقة مع التيار مرة ومؤلمة. هم قلقون من تيار لا يريد شركاء لهم بل يريد تابعين، تيار يغلب رأيه دائما ولا يكترث بآراء الآخرين ولايضعها محل نقاش.

لذا لا نكاد نجد طرفا كرديا واحدا رحب بتحركات الصدر، وأعلن عن دعمه لها؟ بل كل الاطراف أكدت على الحوار تحت سقف الدستور، لأنها قلقة، وترفض انتهاك القواعد الدستورية والحديث عن تغيير العملية السياسية.

ولذا لم يشعر أي طرف سني بالارتياح لخطوات الصدر في تجميد البرلمان بالطريقة التي حصلت.. الكل قلق وان وافقوا على حل البرلمان لكنهم يريدون ان يحصل ذلك عبر حوارات وقواعد دستورية (الدستور والتفاهم).

في دولة تضم عدة مكونات ونظام سياسي يفتقد للاحزاب الوطنية الجامعة للمكونات، الاصلاح يحتاج الى شراكات وكسب ولاءات والى تفاهمات عميقة على قواعد العمل واتفاقات على لوائح التغيير، لا الى بيانات ثورية.

في النهاية، الصدر يقول انه لا يريد حكومة يشترك فيها الفاسدون، وايضا هذا مطلب ممتاز لكن من أين يمكن أن نأتي بقوى سياسية ممثلة في البرلمان ليس فيها فاسدون، في نظام برلماني محكوم منذ عقدين بتوافقات تغذي حلقات الفساد؟ ونحن نعرف ان الفاسدين في كل حزب وتيار بما فيه التيار.

أقرأ أيضا