صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“قيمتنا” عند “ممثلينا”

قيمة المواطن العراقي تحت ظل “المواطنة” المنقوصة والتائهة في دروب وأزقة الهويات الفرعية، قيمة سوقيّة لاتخضع لمعايير حقوق الإنسان لامحلياً يمنع تصديرها ولا عالميا يمنع استيرادها ولا إقليمياً يخشى التلاعب بمدلولاتها، فلا تدخل في صراع التسويات التي المواطن خارج حساباتها!

لاحظوا أن “ممثل الشعب” متبهرجاً من على شاشات الفضائيات، يتساءل، من ضمن حلوله للأزمة المستعصية: ماذا يريد المواطن؟ ويتكفل جنابه بالإجابة نيابة عن الملايين: شوية ماء على شوية كهرباء على شوية خدمات، ويفسّر أطروحته الغبيّة بالقول “هو لا يريد أن يعيش مثل الأميركي أو الفرنسي أو الإماراتي”!!

ظاهرة تدني فهم روح المواطن وحقوقه لاتختص بنائب ولا وزير ولاسياسي مستقل، جميعهم يختصرون قيمتنا بهذه “الشويّات” التي يريدون أن يتفضّلوا بها علينا وهم غير قادرين على ذلك!!

هل هو مجرد كلام؟ كلا طبعاً، هي فكرة وطريقة تفكير ومنهج في التعامل معنا، في الرؤية إلى وجودنا الإنساني المختصر والمؤول والمحشور في قيم نتساوى فيها مع بقية  الكائنات!

وهي فكرة مشابهة ومتحايثة مع فكرتهم عن الديمقراطية، فتكون صناديق الإقتراع المزورة نتائجها، دليلاً على اسم وصورة ونوع بلدنا الديمقراطي، فاختصروا الديمقراطية بصناديق بلاستيكية يتلاعبون بمخرجاتها، وعلينا أن نصفق لهذه الهبة الأميركية التي جاءت بهؤلاء من الأزقة الخلفية في بلدان التطور الديمقراطي، لتلقيهم في وجوهنا كحفنة من النفايات الملوثة!!

قيمتنا ليست أكثر من قليل من الماء مع ومضة كهرباء ومدارس نصف آيلة للسقوط ومستشفيات موبوءة بالأمراض المستعصية، حال العملية السياسية التي استعصت مخرجاتها وفشلت مهامها ومابقي منها إلا هذا النثر من الحكايات الإسطورية عن السندباد البحري وشهرزاد التي أنقذت بنات جيلها بقصص الجان حتى خلّصت شهريار المخدوع من عقدته!

صدام حسين قال للعراقيين عن البطاقة التموينية ” قليل دائم خير من كثير منقطع”، وبذلك تحوّلت قيمتنا إلى قليل من الزيت والسكر والرز ومعجون للحلاقة من أجل الوجاهة! فما الفرق بالله عليكم؟

أنا أقول لكم: ذلك الدكتاتور المستبد  التزم بما قال في القليل الدائم وأنتم غير قادرين على توفير هذه “الشويّات”، لكنكم أغرقتمونا بالشعارات المبهرجة، التي لو صدّقناها لشعرنا بالكثير من الخيبة مع واقع فجائعي متخم بطلعاتكم غير البهيّة والمكدّرة لمزاجنا من على شاشات الفضائيات التي إشتريتم أنصاف أسهمها وربما أكثر من ذلك، لتؤمن لكم الحضور القسري في بيوتنا !!

نعم.. أوصلتم المواطن للقناعة “بشويّات ” من الكهرباء والماء ورسختم في ذهنه الفكرة المشوشة عن حقوقه التي أقرّها دستوركم المشوّه الذي تضعونه في جيوبكم الخلفية فتجلسون عليه فوق كراسيكم التي إستكلبتم ومازلتم تستكلبون للحصول عليها!!

أقرأ أيضا