لا أدري لماذا يجتاحني شعور بالغثيان وأنا أستمع الى تصريحات غالبية سياسيينا، بأناقتهم المفرطة من على شاشات التلفاز، وأرى فيهم مجموعة كومبارس في مشهد مسرحي كوميدي من الدرجة العاشرة! يقولون إن البلاد لم تخرج من معطف المحاصصة بعد وفي الوقت نفسه يتحدثون عن مشاريع التغيير الثوري.
يصدّعون رؤوسنا بالحديث عن القرار العراقي المستقل الناجز والمتكامل، ثم يغوصون في ملف صناعة القرار نفسه في عواصم اخرى غير بغداد، التي مازالت تحتل المراتب المتدنية جدا،كأسوأ مدينة للعيش في العالم !
أسوأ ماينكتّون فيه هو “العراق الديمقراطي” وهم الأعلم من غيرهم، كيف إن أياديهم تلوثت بفضائح التزوير الأكثر عرياً في مشهد رث كالمشهد السياسي العراقي، فضلاً عن إحساسهم “الوطني” الباذخ بقصور تمثيلهم الشعبي بمقاطعة 80% ممن يحق لهم الإقتراع في صناديق الإقتراع، على الطريقة العراقية التي قدّمت أسوأ عروض “الديمقراطية” في العالم، بما فيها العروض الدكتاتورية، فقد كانت الأخيرة واضحة وشفافة ومعروفة النتائج بوجود القائد الأوحد والوحيد الذي يستنكف الحديث عن الديمقراطية.
يلعنون أبو الفساد والفاسدين ويقدمون أفضل العروض الشفافة لمحاربة هذا السرطان، وهم الأعلم، بإن شعاراتهم هذه محط سخرية من جمهور بات يعرف السارق والفاسد قبل هيآت الكشف النائم في أدراج المسؤولين.. يلعنون الفساد ليلاً بإبتساماتهم الصفراء، ليجلسوا فيما بعد يتقاسمون كل شيء..الكراسي والحصص والإنسان والهواء والحصة التموينية والوطن.. يتحدثون عن العراق ولايعرفون عن تأريخه وثقافته وأساطيره وحضارته شيئاً، يعرفونه عراق النفط والصفقات والحصص والكومشنات وتأمين المستقبل، مستقبلهم هم، قبل أن تنطبق عليهم حكمة ” لودامت لغيرك ما أتت إليك ” !
يسهبون الحديث عن الهوية الوطنية، والغالبية منهم يعزّ عليها التخلي عن الجنسية الثانية المزدوجة خوفاً من “الزمن الغادر”، والأكثر فضائحية هاهم اليوم يتدججون لتشريع قانون يمنح الجنسية العراقية لغير العراقي بمجرد أن يقيم في البلاد سنة واحدة.. وهي إقامة ممكن أن تمنح لسائح أو لتاجر أو لبياع خردة من الاشقاء والأصدقاء.. فيا لرخص جنسيتنا ورخصهم!
يرطنون بمستقبل البلاد والبلاد تغرق بالمخدرات من الهيرويين القادم من الارجنتين الى الكرستال الذين لايقولون من أين يأتي!! المواطن المخدّر والمخدور وحده يعرف الحقيقة ..حقيقة تخديره ..ويسأل عن الكيف واللماذا والمنو..!! أسئلة تجيب عليها البصرة المنكوبة.. البصرة التي ستنطلق منها شرارة التغيير الحقيقية التي لن تصادر منها هذه المرّة إطلاقاً !
يقولون كل شيء لكنهم لا يعرفون كيفية الخروج من هذا المستنقع، لأنهم بكل بساطة، لايريدون الخروج منه، ففي مستنقع المحاصصة والفساد نبت مشروعهم ومنه يتغذى ويعيش وينمو في جسد هذي البلاد المنكوبة بهم.