مشكلة فلسفية لاهوتية عند مختلف الأديان، هي هل الإنسان مخيّر أو مسيّر، وأصحاب الرأيين لهما من النصوص والإجتهادات ما يفحمان أحدهما الآخر، وأوقعا عامة الناس في ورطة الإجابة على السؤال المطروح على النفس:
هل أنا مخيّر أو مسيّر بقدرة لايمكن التحكم بها ؟
هذه المشكلة إنتقلت إلى عالم السياسة في بلاد الرافدين، وتحديداً في التشكيلة الرابعة لحكومة مابعد 2003، فداخ المواطن الكريم في السؤال الموجه إلى المتورط السيد عادل عبد المهدي ليجيب عليه:
هل جنابكم مسيّر أم مخيّر في إختيار جهابذة كابينتك العتيدة والمنقوصة حتى الآن ؟
الجواب الجاهز على المطلق سيكون:
أيها المواطنون الكرام أنا مخيّر رغماً عن الجميع ؟ في إضافة تأكيدية على سؤال لايحتمل غير النعم واللا !
سيؤيده فطاحلة العملية السياسية المخنوقة بكتلتي الإصلاح والبناء، ويقسمون بالرب الكريم:
لقد أعطينا للسيد كامل الحرية في الاختيار !
ويضيف بعضهم من باب النكاية بالمواطن والسخرية من وعييه:
ليس هذا فقط بل إننا تخلينا عن استحقاقنا الإنتخابي والمكوناتي والشرعي والقانوني والدستوري والوطني في الإستيزار وتركنا الأمر للسيد عادل مطلق اليدين فهو “مخيّر ” لامسيّر ” عطفاً على السؤال الجوهري !
لكن فصل الكوميديا السياسية السوداء في البلاد بممثليها الأقل براعة من أسوأ ممثل كوميدي، هي إنهم يتبادلون الإتهامات من إن ” الآخر ” منهم قد فرض على عبد المهدي خياراته من خلال نكتة النافذة المفتوحة وصرامة الغرف المظلمة، فيحوّلوا الرجل إلى “مسيّر ” لا”مخير”..!!
وعلينا ببصيرتنا الخبيثة أن نجيب على السؤال الوجودي الأشد تعقيداً:
الدجاجة من البيضة أم البيضة من الدجاجة ؟
لن ندخل في دهاليز الإختلافات الوجودية والفكرية واللاهوتية، لكنّ من حقّنا أن نسأل السيد عادل:
بربك في أي مربع أنت مو دوختنه لو الجماعه دوّخوك ؟
سؤال على فطريته الشعبية يؤكد الحال الذي فيه البلاد من متلاعبين بمقداراته ومقدراتنا، قال لي أكثر من سياسي بينهم برلمانيون عتاة ” لاتصدق كل ماتسمعه في الإعلام، نقول شيئاً أمام الشاشة مبتسمين ونعمل خلاف كلامنا في الغرف السرّية متجهمين ” !!
وقال لي جارنا أبو محمد الذي يعتبرني فهيماً في ظلام السياسة وخداعها:
قلنا محمد الحلبوسي خوش آدمي، طلع يدور على الفليسات للجماعه حتى يحبونه وما إختلف عن سلومي ، وقلنا السيد راح يغيّر الحال وطلع من المحال، لاهو مستقيل لاهو بكيفه لاهي بكيفهم وشفته مثل العبادي لايفهمنا منو “البعض ” ولا يجوز منها ” !
تركت أبو محمد على حسّه الشعبي، وتعمقت في نظريتي ” الإختيار ” والتسيير”، لأكتشف نظرية ثالثة، لاتشبه نظرية القذافي، وهي نظرية ” التطنيش ” وهي كالدواء الساحر لعادل عبد المهدي وللجمهور ولدول الجوار وللعزيز ترامب ولأبو محمد الذي عادة مايقلب مسبحته في هكذا أحوال ويقول:
” والله سالفه تضحج “!