كتابة على الحيطان
عامر القيسي
أعتقد اننا كعراقيين أكثر شعوب المنطقة عانينا من الحروب بكل تلاوينها ومارسناها الى حدود الجحيم منذ تأسيس الدولة العرقية الحديثة عام 1921، وما ان تنطلق رصاصة في مكان ما حتى نعدو اليها كقدر لصيق بنا.!
والحروب التي عانينا منها وشاركنا بها متلونة سواء كانت في داخل البيت العراقي أو خارجه ، فكل الحروب مع اسرائيل شاركنا بها بهمة بفعالية ، وتحولاتنا السياسية الداخلية كانت كلّها عنفية دون استثناء ، ابتداءً من عام 1958 حتى اللحظة مرورا باتقلاب 1963 و”بيضاء” 1968 التي انتجت لنا التهجير الجماعي وتصفيات المعارضات من داخل البعث المقبور وخارجه ، ثم انخرطنا بحرب كارثية دامت 8 سنوات خلّفت لنا المحن والأحزان وتجرعنا الحصار الإقتصادي بعد حربي غزو الكويت وتحريرها ، والحصار كان حربا بادوات اقتصادية ، وانتقلنا الى حرب اسقاط نظام صدام 2003 وما تلاها ونتج عنها من قاعدة ارهابية وحرب طائفية اهلية 2005- 2007، ثم داعش وتوابعها 2014، وإصطبغت أرصفتنا وشوارعنا بالدماء و “حصدنا” من كل ذلك ملايين الأيتام والأرامل والثكليات والخراب والتخلف والإنشطارات الإجتماعية العرقية والطائفية التي كانت تطبخ على نار هادئة في أماكن عدّة !!
اليوم نواجه أزمة من نوع مختلف لكنها في السياق العام ذاته، أزمة تنذر بحرب لا أحد يريدها لكن الجميع يسيرون في ركابها بما في ذلك أصحاب كارنا من الاعلاميين والمثقفين والنخب التي نزعت جلودها ولبست جلودا جديدة أخشى أن تكون هي الحقيقية، فاصبح غالبيتنا أدوات بيد السياسيين لتقريب أمد حرب قال عنها الاديب الفرنسي بول فاليري “الحرب هي مجزرة بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض من أجل أناس يعرفون بعضهم البعض لكنهم لا يقتلون بعضهم البعض“! وهي حقيقة كل الحروب.
والحرب إن انطلقت رصاصتها الاولى فلن يستطيع أحد وقفها ربما الا بعد شلال من الدم ..هو شلال دمائنا نحن الذين لانعرف بعضناً بعضاً من أجل من يعرفون بعضهم بعضاً! علينا أن نقف جميعاً ونصرخ “لا تطلقوا الرصاص”.
هي الفكرة الوحيدة التي نبقي فيها على جلودنا الوطنية دون أن ندخل في التفاصيل.. أولائك الذين يعرفون انفسهم أدرى بالتفاصيل وهم من يضعون أصابعهم على الزناد وهم من يحددون لحظة الاطلاق!! مهمتنا الحقيقية هي أن نسهم في منع إطلاق الرصاص.
في تجميد الأصابع التي تتهيأ لاطلاق الفجيعة على رؤوسنا جميعا ولا تستثني منّا أحداً في لجم الأصوات التي تنبح للضغط على الزناد.
مازال في الوقت متسع كي نوقف حرباً لا يعرف الا الله الى أي مدىً يمكن ان تتسع فتلتهمنا جميعاً دون رحمة!