صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لا أحد يكترث باستقالتك بعد

للمرّة الثانية أو الثالثة يلّوح السيد عبد المهدي بالإستقالة في حال إستمرار الأخطاء، التي لم يذكر نوعها والجهة التي ترتكبها.

الأخيرة التي لوّح بها سيادته كانت في إجتماع له مع مجموعة من الإعلاميين والأكاديميين معتبراً إياها “الخيار الأخير في حال كثرت الأخطاء” ولكي “لا أكون مشاركاً بالفشل”..

ولا أدري إن كان السيد عبد المهدي يدرك إن فزّاعة “إستقالته” قد أصبحت جزءً من ماضي العملية السياسية السيئة الصيت والسمعة، فقد إستهلكها كثيراً سيادته، ولم يستطع إستخدامها في لحظة كانت إستقالته قادرة على أن تؤدي دورها بقوة، وهي لحظة أو وقت إختياره ” الحر” لوزرائه، ولم يستخدمها رغم إنه عانى من ” أضيق دائرة عملت بها منحت لأي رئيس وزراء سابق ” حسب تصريح له في مؤتمر صحفي، ما يعني أن الرجل تعرض لضغوط كبيرة من الكتل والأحزاب والشخصيات النافذة في الحكم والمشهد السياسي عموماً، ما أدى إلى تمرير نصف الكابينة بمواصفات خارج إطار طروحاته “الإستقلالية ” وبقي النصف الآخر تحت رحمة الصراعات الدائرة بين كتلتي الإصلاح والبناء..

وأستطيع أن أقول بأن كل الكتل السياسية وأحزابها، القريبة منها من عبد المهدي والبعيدة عنه، قالت وتقول، إن إختيار الوزراء وتقديم الكابينة لم يكن سوى سلسلة من الخضوع للضغوطات وإرتكاب الأخطاء التي ” يحذر منها” عبد المهدي.!

لقد وقع الفأس في الرأس كما يقال، وأنتج لنا سيادته نصف وزارة على بعض أركانها مؤشرات فساد سابقة بل وحتى مشاركات جهادية إرهابية، هكذا يقول الأصدقاء والأعداء ” في المرور العصيّ للوزارة المنقوصة.! والسؤال :

من يكترث بعد الآن بإستقالة السيد عادل عبد المهدي ولماذا يكترث ؟

دون الدخول في التفاصيل، فإن المشهد السياسي في البلاد لن ” يهتز له شارب ” لو نفذ عبد المهدي تلويحاته المستمرة بالإستقالة، ولن تنقلب الطاولة على صنّاع القرار في البلاد، فلا السيد مقتدى الصدر الذي مرر وزراءه بحكمة السياسيين سيكون منزعجاً من إستقالة لامعنى لها ولا السيد هادي العامري سيلطم على إستقالة رئيس وزراء يعتبره مساهماً بشكل أو بآخر بـ ” مؤامرة” عدم تمرير وزراء البناء أو أغلبهم وعلى رأسهم السيد فالح الفياض، الذي يدفع الآن أو سيدفع ثمن تملّصه من قائمة النصر لصاحبها العبادي والتي أخلّت بمهزلة الكتلة الأكبر، ما أدى إلى ظهور عادل عبد المهدي، كقاطرة تمرير لحمل ثقيل لم يقدر عليه لاالصدر ولا العامري.!

حتى السيد عادل عبد المهدي لن يستطيع أن يجيب على السؤال، فقد أنقذ الرجل الجميع من إحراجات التوقيتات الدستورية ومرر حكومة عرجاء كسابقاتها، إجتمع البرلمان وصوّت وشكّل لجانه ومرّت المحاصصات على بركة الله وتخلص الجميع من إحراجات الدستور اللعين.! فماذا تعرقل الإستقالة لو قدمها عبد المهدي؟

بقية الوزارات وتحديداً الداخلية والدفاع والأمن الوطني، تجري التفاهمات بشأنها بين ممثلين عن الصدر والعامري بعيداً عن أجواء السيد عادل، الذي منح إجازة من الكتلتين لحين تقديمهما له الأسماء فيظهر من على الشاشات ليقول: هؤلاء من إخترتهم، تكنوقراط ومستقلين وحبابين.! فيصدق نفسه ويريد أن نصدقه.

إن أسوأ ماقام به عادل عبد المهدي إنه أضاع فرصة حقيقية لإستخدام ورقة الإستقالة في زمن إختياراته ولأجبر الجميع على الإنصياع لتوجهاته، ولكنه أضاع الفرصة وأصبحت إستقالته لاتساوي ثمن الحبر الذي كتبت فيه.

أقرأ أيضا