صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لا رئاسة جديدة للعبادي

لن ندخل في تفاصيل الفرص العديدة التي أتيحت أو منحت للسيد رئيس الوزراء حيدر العبادي كي يحوّل ظاهرته الصوتية الى واقع على الأرض، لكن الرجل بشخصيته المترددة وبحساباته المعقدة، أضاع فرصتين من ذهب للمضي بعيداً باتجاه شعار “رجل المرحلة”، والمضي أيضا بالبلاد باتجاه الخروج من عنق الزجاجة.

فرصتان هي حلم لكل سياسي لتحقيق أهدافه ومشاريعه ورؤيته السياسية، الأولى حين حصل على التفويض المطلق من ساحات التحرير والمرجعية والبرلمان، على تناقضاته، والمناخ الاقليمي والدولي، للمضي قدما في إصلاح العملية السياسية المسرطنة ومحاربة الفساد، إلا أن الرجل بقي يراوح في مكانه، مكتفياً بالوعود الوردية حتى “تبخرت الفرصة”!

والثانية التي ضيّعها اليوم، بكل “شجاعة” و”رؤية ثاقبة” باعلانه “تحالف النصر” الذي خفت بريقه بسبب كتلة الانتخابية ضيقة الافق وذات الطابع الطائفي، وإن “كحّلها” ببعض الشخصيات السنيّة وغير المقبولة أصلا في ساحتها، أحبطت الشارع العراقي، الذي كان ينتظر منه أن يؤسس لمنهج جديد في العملية السياسية والخروج بها من عنق الزجاجة أو النفق المظلم، لكنه أيضا، لم يراوح في مكانه فحسب، بل عاد الى اقل من المربع الأول!

هل وقع الرجل في فخ نصبه له الآخرون بكل دراية وحكمة وخباثة؟

هذا ما تقوله غالبية التحليلات السياسية، وتؤكد أن خلف هذا الفخ المتين والمحكم يقف ندّه، بل غريمه السيد نوري المالكي الذي سجل أولى نقاطه القوية في مارثون الانتخابات القادمة!

ولكن كيف لرجل يريد أن يقود هذا العراق المعقد والعصي أن يقع في افخاخ لا نريد أن نصفها احتراماً للرجل ومنجزه في محاربة الارهاب وتحرير المدن التي احتلها داعش، ولا نريد أن نبخس حقه، رغم إن الكلام يقال بان قادة النصر كثر، فالنجاح له أكثر من أب والفشل يتيم كما يقال!

لقد اكتفى العبادي بسياسة “البعض” فيما راح الآخرون يعملون على سحب الأبسطة من تحته، حتى وجد نفسه اليوم وحيداً في مواجهة خصم عنيد وقوي مثل المالكي وحلفائه، رغم أن المالكي من العسير عليه أن يعود مرّة ثالثة الى سدّة رئاسة الوزراء!

هل بامكانه أن يعالج جسد “تحالف النصر”، مما أصابه نتيجة وقوعه في فخ رفاق الدرب الواحد والولي الواحد! تبدو إمكانية ضعيفة جدا، فقد كانت الجراح أشد إيلاما وأقسى مما كان يتصوره، لكن السياسة لا تعرف الرحمة وترفع قبعتها لمن يجيد اللعبة بذكاء، وإن كان يسجل أهدافة قبل ان يطلق حكم المفوضية صافرته بانتهاء اللعبة!

هل ضاعت الفرصة؟

على الأغلب نعم.. وستضيّع فرصته بولاية ثانية، إن لم تكن قد ضاعت فعلا، فالرجل لم يعد قادرا على التراجع خطوة الى الخلف، كما أن خطوته القادمة الى الأمام تبدو هي الأخرى مجهولة البوصلة حتى الآن!

أقرأ أيضا