صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لبنان: الدولة تخفي أجهزة التنفس وتخنق المواطنين

تقول الموعظة أنَّ “أحد وزراء بني العباس اغتصب مزرعة لإمرأة عجوز، فرفعت إليه المرأة تشكو وتترجَّى، ثم شفَّعتْ إليه مَن يردُّ عليها مزرعتها، فأبى الوزير.

فقالت العجوز: واللهِ لأدعونَّ عليك، فقال لها الوزير ساخرًا: عليكِ بالثُّلُث الأخير مِن الليل!

فلزمتِ المرأة أسحار الليل شهرًا، تدعو على مَن ظلمها، فإذا سهامُ الليل تبلغ آجالها، فحلَّت به العقوبةُ الإلهيَّة في الظُّلمة، ونكبَه الله على يدِ الخليفة، فقطَع يدَه، ثم بعدَ أسبوع قطَع رأسه، فمرَّتْ به المرأة العجوز وأنشدت متشفية:

إِذَا جَارَ الوَزِيرُ وَكَاتِبَاهُ

وَقَاضِي الأَرْضِ أَجْحَفَ فِي الْقَضَاءِ

فَوَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ

لِقَاضِي الْأَرْضِ مِنْ قَاضِي السَّمَاءِ”

َ

هذا هو حال لسان الشعب اللبناني اليوم، فبعد أن عجزت حلول الأرض، سلّم اللبنانيون الأمر لِمَن في السماء. وبعد أن استفحلت الطبقة السياسية فائقة اللامسؤولية واللاضمير مُنقطِعة النظير عهراً وفساداً يئِس الناس من إمكانية إصلاح السلطة.

فبعد فضيحة الطحين المقدّم كهبة من الحكومة العراقية في إطار المساعدات التي مُنِحَت للشعب اللبناني عقب انفجار مرفأ بيروت، بعد تخزينه في مستودعات مدينة بيروت الرياضية  أسفل المدرجات وفي القاعات السفلية من دون أية مراعاة للشروط الصحية، حتى باتت عرضة للمياه والرطوبة والهواء. تصدرت الأخبار فضيحة جديدة، وأيضاً في مستودعات المدينة الرياضية. أجهزة تنفس اصطناعية مُخزنة، أو بتعبير أدق مُخبأة عن الناس والمستشفيات التي دقت ناقوس الخطر بسبب الإرتفاع الهائل في صفوف أعداد المصابين بفيروس كورونا  المستجد وعدم القدرة على استيعاب العدد الكبير للمرضى حتى وصل الأمر ببعض المستشفيات للجوء إلى سياسة المُفاضلة بين المرضى ومنع استخدام الأجهزة عن مريض كبير في السن لمنحها لمريض أصغر سناً.

وجولة سريعة على مواقع التواصل الإجتماعي كفيلة بإظهار حالة الهستيريا الجماعية التي أصابت الناس بعد انتشار أخبار وتقارير حول الشح في أجهزة التنفس الإصطناعية والأوكسيجين. وشهدت المؤسسات المخصصة لبيع المعدات الطبية طلباً كبيراً على قوارير الأوكسجين وأجهزة التنفس.

في سياقٍ مُتصل أصدر قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر قراراً يُلزم الدولة اللبنانية بتسليم هبة أجهزة التنفس الإصطناعية الموجودة في المدينة الرياضية الى مريضين مصابين بفيروس بكورونا لم يتمكنا من إيجاد أجهزة تنفس.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد الوفيات في لبنان بلغ اليوم ٤١ حالة وفاة و ٥٨٧٢ إصابة جديدة بفيروس كورونا بحسب التقرير اليومي الصادر عن وزارة الصحة اللبنانية.

يبدو أن الدولة اللبنانية مُصرة على قتل شعبها، جوعاً وتفجيراً وتهجيراً، والبُدعة الجديدة خنقاً. فبعد أن سلبوا منّا أموالنا وصادروها في المصارف وبعد أن سجنونا في المنازل بحجة مكافحة جائحة كورونا عبر قرارات وسياسات استنسابية فاشلة قرروا “لحاجةٍ في نفس يعقوب” قطع الأوكسجين عنا ونحن لا حول لنا ولا قوة نصارع لأجل البقاء.

أقرأ أيضا