صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لجان التحقيق

مجموعة من الشخصيات السياسية والحكومية تنفذ تحقيقا غير ملزم قضائيا موقتة مفوضة من طرف رئيس الحكومة. ويوكل إليها، وتستمد صلاحيتها منها، تعطى صلاحيات النظر في:

فيما يتعلق بنوعية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تتصدى لها، من خلال الكشف عنها ودراستها وتحليلها وإصدار النتائج المناسبة في شأن حالاتها خلال مدة محددة، وذلك بتحديد موقع الضحايا المفقودين الذين اختفوا قسرا أو قتلوا بالفوضى، ومحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان من طريق جمع وتصنيف وتدقيق الأدلة.

لجنة تقصي الحقيقة برئاسة وزير التخطيط وعضوية وزراء العدل والصحة والداخلية والدفاع، معترف بها رسميا، مفوضة من قبل الرئاسات الثلاثة، جاء ظهورها بعد ضغط المرجعية وبيان السيد مقتدى الصدر وخطاب رئيس الجمهورية في غمار تظاهرات احتجاجية عفوية هزت النظام السياسي العراقي وخطر تحول وانتقال الى زاوية اختيار، إما من السلمية إلى الصدام، وإما من المحاصصة التسلطية إلى العدالة الاجتماعية.

إن لجان التحقيق المشتركة التي تم تشكيلها للتحقيق في عملية انتهاك حقوق الانسان واستخدام العنف المفرط في تفكيك تجمعات التظاهرات في بغداد والنجف وذي قار، كشفت تسريبات مقربة من لجان التحقيق ان هناك حاجة لمشاركة قضاة من مجلس القضاء الأعلى، وان نتائج التحقيق قد تتأخر أكثر من ٥ أيام وقد لا يتم نشر نتائجها أمام الرأي العام.

وقد ذكرت التسريبات الأولية ان التهم سوف توجه الى ضباط من مكافحة الشغب والشرطة الاتحادية والطوارئ وسوات من الجيش العراقي، علما ان هذه الرتب جميعها كانت لديها تعليمات صارمة من عادل عبد المهدي بعدم استخدام القوة المميتة مهما كانت الظروف، وبحسب سجلات هؤلاء الضباط فان أغلبهم حضر ورشا ودورات تدريبية عن حقـوق الإنـسان، وقـد انكشفت أسماء ووجوه هؤلاء الضباط لدوائر المعلومات والامن الخاصة بالأجهزة التي ينتسبون إليها.

في حوار للأستاذ عادل عبد المهدي يوم ٧ تشرين الأول الجاري في قصر العدالة بمعية مجموعة من نخبة الإعلاميين والصحفيين؛ قال إن “قيادات برتب رفيعة عسكرية وامنية طلبوا مني زج الحشد الشعبي لتحجيم حدة التظاهرات وقد رفضت ذلك الاقتراح وحذرتهم من الكمين الذي سوف لن نخرج منه لو فعلنا ذلك، وان القوات الأمنية والعسكرية لا استطيع تزكيتهم كل افرادهم، وهناك من هو مندس بينهم، ولم يتم غربلتهم جميعا، كما هو الحال مع قوات البيشمركة على سبيل المثال فكلهم فردا فردا معروفون وحصلوا على التزكية من قبل قيادة الإقليم..”.

وكان من الممكن للقوات الأمنية والعسكرية إلقاء القبض على متظاهرين يثيرون الشغب، ولديهم القوة المحترفة غير المميتة التي تعينهم على ذلك بسهولة.

وقد أدى فشل عملية احتواء وتحجيم التظاهرات منذ اليوم الاول في ساحة التحرير والنتائج التي أسفر عنها هذا الفـشل إلى عملية تـصعيد التظاهرات الغاضبة وسقوط أكثر من مائة شهيد ونحو ٤٠٠٠ جريح واعتقال نحو ٩٦٦ متظاهرا.

وذكرت التسريبات الأولية أنه ورغم الإعداد الجيد لتلك القوات وتجاربها الكثيرة منذ عام ٢٠١١-٢٠١٩ وتعامل هذه القوة طيلة السنوات الماضية مع أنواع مختلفة من التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات، إلا أنه تم اكتشاف عـدة أخطاء في عملية التعامل والاحتواء لتظاهرات تشرين الأول 2019، ومن ضمنها مثلما ورد في الفيديوهات المسربة، قمعية في مناطق التظاهرات شرق القناة في العاصمة بغداد، فإن القوة من الجيش العراقي التي اختيرت للمهمة لم تكن كفوءة بما يتناسب مع حساسية المهمة، كما أن قصة التغطية على تواجد قناص ملثم مندس في ساحة مول النخيل كان بالإمكان دحضها بسهولة مع شهادة العشرات من الشباب الجرحى الذين أكدوا ان المثلم المزعوم هو مندس داخل صف القوات الأمنية.

هناك إهمال، لذا لم لابد من إقالة ومحاكمة رتب رفيعة، وأنه يمكننا أن نستخلص من مقاطع الفيديوهات التي نشرت أن الفـشل لم يكن ناجما عـن التخطيط والتنظـيم للعملية، بل بعدة حقائق ومعطيات بسيطة على أرض الواقع وصفها المراقب في الجملتين التاليتين: استهتار بحقوق الانسان ومخالفة أوامر القائد العام بوجوب مراعاة قواعد الاشتباك، وتمت ملاحظة انتهاكات متعمدة في الطريقة التي عملت فيها القوات الأمنية.

وأعتقد أنه لسنا في حاجة لأن نكون خبراء في عملية التعامل مع التظاهرات السلمية كي ندرك أن القوة الأمنية ارتكبت خطأين أساسيين:

أ- إن الافراد الذين كانوا يمثلون القانون، ارتكبوا أخطاء تنفي أن يكونوا قوات قانونية مدربة او منضبطة.

ب- لبس اللثام والسماح للملثمين ان يكونوا في صفوفهم، لكي تعرف لجان التحقيق من هم، ومن أين جاء لهم أمر انتهاك حقوق الانسان وقمع المتظاهرين بالقوة المميتة، فمن المنطقي أن يجري معهم القضاء تحقيقا بعد توقيف الضباط الكبار والضباط الميدانيين.

إن القول بأن ثغرات مماثلة اكتشفت في التظاهرات السابقة أيام حكومات السيد المالكي والدكتور العبادي هـو مجـرد تبرير ضعيف لمـسؤولية القادة الذين أصدروا الأوامر غير القانونية، بصورة شخصية فردية بحسب التسريبات الأولية.

كـان يجـب أن يكون واضحا منـذ البداية لكل من كانت له في خلية الازمة العليا: أنـه مهـما كانـت كفـاءة ومهـارة الجنـود والـضباط المـشاركين في عملية حماية وتحجيم التظاهرات، ومهـما كانـت تدريباتهم ومعداتهم التي بحوزتهم، لا يجب أن يدخلوا في اشتباك مميت مع متظاهرين عزل.

يهدد المتظاهرون بتجديد الاحتجاجات في حال لم يـتم اعتقـال الضباط والمراتب الـذين أطلـقوا النـار نحـو الشـباب العزل وتنتهي أيام الهدوء عند انتهاء الزيارة الاربعينية يوم ٢٠ تشرين الأول، ويصر المتظاهرون على اعتقال الضباط المندسين داخل القوات الأمنية والعسكرية الذين أصدروا الأوامر باستخدام الرصاص الحي.

وخـلال الأيام الماضية أجرت مراكز ومنظمات حقوقية محادثات مع شخصيات محورية في التظاهرات في محافظتي بغداد وذي قار التي وقع فيها حوادث القتل المتعمد باطلاق النار، وشددت هذه الشخصيات امام المنظمات على طلبهم الأساسي، مؤكدين نيتهم تجديد الاحتجاجات.

وهاجم أحد الناشطين من منظمي الاحتجاجات حكومة عادل عبد. المهدي وقال: “الحكومـة بـدلا من ان تـستخلص التجارب والعبر، توجه الاعلام الحكومي ضد شباب التظاهرات، وتقول ان الاحتجاجات مولتها منظمات اجنبية وسفارات غربية، هذا يدل على انهم لم يتعلموا شيئا.” وأضاف “: بمثل هذا التعقيد فانه لن يكون لدينا حل سوى المطالبة باستقالة الحكومة، مللنـا مـن الوعود المخدرة التي لا تنتهي “.

وذكر صحفييون ان غالبية الشخصيات التي قادت الاحتجاجات رفضت الاجتماع مع لجان الرئاسات الثلاثة مطالبين باعتقال الضباط الذين اصدروا أوامر القتل ونقل التحقيق من وحدة التحقيقات في وزارتي الداخلية والدفاع مع الضباط المتهمين الى قاض تحقيق مندوبا من مجلس القضاء الاعلى.

أقرأ أيضا