صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لحظة الحقيقة

وجدت فصائل المقاومة “الشيعية العراقية” نفسها خلال شهرين في حالة مواجهة مع تهديدين اثنين، ذوي خصائص كثيرة “استنزاف الاكداس العسكرية، اغتيال القيادات الميدانية”، واتضح انها كانت غير مستعدة للتهديد الخارجي بـ”سلاح جو متطور ودقيقة وشديد التأثير”، عبر أسلوب استخدام “القوة العابرة للحدود”.

حرب العراق على داعش مكنت فصائل “المقاومة الشيعية العراقية” من تطوير مهاراتها وتجريب خبراتها والاستفادة من إمكانيات الدولة بالتسليح والتدريب، والانتفاع من دعم السلطة السياسية في “هيئة الحشد الشعبي”، وتمكنت من تأسيس اعلام محترف وجناح تنظيمي سياسي لفهم وتطبيق أساليب مناسبة خلال اللحظات الحرجة، وقد برزت أدوار هذه الفصائل في ترسيخ قضية انتمائها لمحور الممانعة بزعامة إيران في المنطقة، والقتال العابر للحدود الوطنية في سوريا، وفي العمليات النوعية في المعارك بالضد من داعش؛ وهذه القضايا مركزية تتعلق بأهداف تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية واستخدام مفهوم توازن الرعب.

ويخيل بأنه كان بالإمكان لفصائل المقاومة خلال ٢٠١٥-٢٠١٦ تطوير وتعزيز قدراتها الصاروخية والحصول على  “المديات من ٧٠٠-١٢٠٠ كلم” وتجاوز المصاعب والتحديات التي تعيشها اليوم، فقيادة هيئة الحشد الشعبي على المستوى السياسي، انقسمت الى:

١-“حشد الدولة” قيادة سياسية منسجمة مع رؤية الرئاسات الثلاثة، متمثلة بفالح لفياض رئيس هيئة الحشد، عبر الدعوة التي التهدئة في ردات الفعل واحتواء الصدمة بالصبر وجمع الأدلة الموضوعية والحقيقية والاحتجاج عبر المنافذ الدبلوماسية الدولية، والمطالبة بإعادة ترتيب الدفاع الجوي العراقي بإمكانيات تتيح التصدي لأي عدوان خارجي.

٢-“حشد الفصائل” قيادة ميدانية عقائدية منسجمة مع رؤية محور الممانعة في المنطقة، متمثلة بأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد، عبر الدعوة الى اخراج القوات الامريكية من العراق وانهاء وجودهم العسكري والأمني، وإعادة السيادة للأجواء العراقية، وذلك بالاتهام المباشر عن تواطؤ أمريكا مع إسرائيل في العدوان على معسكرات وقيادات الحشد الشعبي.

حرب البيانات التي اخذت تؤكد الانقسام في اقتراح الحل وأساليب تنفيذه شكلت تهديدا واضحا للأهداف السياسية الداخلية والخارجية التي يتضمنها برنامج رئيس الحكومة القريب من أحزاب الحشد الشعبي. ولكن، انعدام هذا الوضوح وضع صعوبة أمام قيادات وأحزاب “حشد الفصائل” في مجال تركيز استخدام الرد. ففي بيانات حشد الفصائل التي تضمنت ثلاث مشتركات؛ تشخيص مصدر العدوان ونوعية الوسيلة وربطه بالوجود الأمريكي.

وإن تطبيق الرد عبر أراضي لبنان او سورية قد يكون صعبا، ولكن سيكون ثمنه مكلفا بالنسبة لحزب الله اللبناني ولدمشق، وقد يكون هذا ما تريده إسرائيل من وراء حفلة التنمر العنيف التي تحدثها قبيل الانتخابات الرئاسية في ايلول، وأيضا التحضيرات الخاصة بالقوة الصاروخية والدفاع الجوي التي تتبع حشد الفصائل غير كافية لخوض معارك الاذرع البعيدة التي تحتاج الي تكنلوجيا وسلاح متطور وارض مجاورة، لتنفيذها.

وقد استخدم مصدر العدوان الخارجي “الإسرائيلي- بحسب بيانات حشد الفصائل” في العدوان على معسكر الصقر جنوب بغداد ومعسكر بلد جنوب تكريت، وبتخفي شديد، وسيلتيه المركزيتين: القصف عبر اختراق الأجواء العراقية وبسلاح متطور لم يتم التعرف عليه، فالتحليلات العسكرية تناقضت فيما بينها على” درونز انتحاري، درونز عسكري متطور، طائرات اف٣٥، استخدام صواريخ ارض-ارض، او قذائف مدفعية ذكية، او حزمة ليزرية متطورة”.

وتدل دقة الاستهداف على أن العدو يجيد الاستخدام الواعي لإحدى هذه الوسائل تاليا ساعد في تحقيق هذا العدوان بشكل خفي ودقيق.

في بغداد وبعد اجتماع قيادات من حشد الدولة بالرئاسات الثلاثة، يوجد حاليا هدوء قد يستمر حتى نُفيق على عدوان جديد، في حين أنه في جنوب بيروت، على الرغم من الهدوء الهش، فإنه بالإمكان تشخيص تراجع كبير جدا في حجم إطلاق النيران باتجاه الأراضي المحتلة “الإسرائيلية” مقارنة مع الوضع الذي كان سائدا قبل قرار مجلس الامن الدولي ١٧٠١.

النتيجة المستخلصة من العدوان على معسكرات وقيادات الحشد الشعبي؛ هي ان العدوان نجح بأن يفرق الحشد الى حشد الدولة وحشد الفصائل، وان القوة والقدرات العسكرية التي يمتلكها العراق في التصدي او لردع العدوان الخارجي، لا تزال محدودة وغير كافية لحماية سيادته وثرواته.

وقد اتضح ان النظام السياسي العراقي بكل سلطاته الرسمية تسعى الى الوصول لهدوء ولو لفترة زمنية طويلة نسبيا من اجل تعزيز قدرات الدفاع والردع وهو هدف قابل للإنجاز. هكذا تستطيع القوات المسلحة العراقية من تركيز وتطوير وسائل دفاعاتها وفقا للتطورات القائمة في المنطقة.

جوانب تنظيمية عسكرية توجب على حشد الفصائل التغيير في أسلوبه بالتعامل مع مؤسسات الدولة قبل ان يخسر هذه الصداقة التي قد تنقلب الى مطاردة وصولة فرسان ثانية، ونقل القتال إلى الحرب الاهلية الداخلية، هذه المخاوف والتعقيدات تفرض على قيادة حشد الفصائل فهم المعاني القانونية والتنظيمية لهذا التطور؛ واستخلاص العبر المطلوبة بشأن عقلانية التحكم في استخدام القوة العقائدية.

فالعدو هو طرف ليس بدولة ضعيفة عسكريا وايضا لا يعيش العزلة، ولا يحترم قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة؛ عدو يهاجم بكل ما هو محرم ويهاجم كل من هو مدني او عسكري، إن تهديد حشد الفصائل باحتمالية استخدام قوة الردع داخل العراق ضد اهداف أمريكية؛ يتضمن عدة تحديات، أبرزها يتمثل في:

١- توجيه ضربة نوعية نحو أهداف عسكرية امريكية في العراق. وقيمة تلك الأهداف تتناسب بقيمة غضب الرد الأمريكي الذي سيكون غير محدود، ولا يمكن التكهن به، وهذه المغامرة مع أنها ممكنة، فهي مستبعدة في الوقت الراهن، كون إيران لا تدفع نحو هكذا توجه ايضا، وقيادات حشد الفصائل كذلك لا تريد المغامرة بشرعية وجودها في العراق.

٢- إن تشريع قانون لاخراج القوات الامريكية من العراق، يلزم بالضرورة خروج دول التحالف الدولي تباعا، فهي جاءت مع أمريكا وسوف تغادر معها، ولن تستطيع إيران المنهكة اقتصاديا ملأ هذا الفراغ اقتصاديا وسياسيا.

٣- عقيدة السلاح العسكرية لغالب القوات المسلحة العراقية عدا الحشد هي أمريكية، سلاحا وتدريبا وتخطيطا وإدارة.. والعراق سيخسر مليارات الدولارات للتحول الى عقيدة جديدة.

٤- اقتصاديا العراق لم يتعرض الى انهيار مالي، رغم كل الازمات وذلك لمساندة اقتصاده من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين، ورفع يد الاسناد الأمريكي يجعل العراق امام حصار وعقوبات وربما انهيار يشبه ما حدث في فنزويلا.

٥- الحرب الاهلية الداخلية بين طرفي الخلاف، الشيعي-الشيعي.

أقرأ أيضا