قال الدكتور ظافر العاني في لقاء متلفز في الثالث عشر من الشهر الحالي،” إن السيد عادل عبد المهدي لم يلتق ولا لمرّة واحدة مع بعض الوزراء الذين إستوزرهم، وإن اللقاء الأول معهم جرى على منصة التوزير وإداء القسم”!!
وكرر هذه القنبلة التي أطلقها متأكداً وواثقاً مرّتين في اللقاء نفسه..
الآلية التي جرت بها قيصرية إختيار كابينة عبد المهدي المنقوصة، تقود إلى تصديق ما قاله ظافر العاني، فقد إنطلقت الآلية من نافذة ألكترونية لتنتهي بإشتراطات وتوافقات في الغرف المظلمة، بل إنها كشفت عن نفسها بفضيحة منع نصار الربيعي لعادل عبد المهدي من إستكمال تقديم كابينته أمام 329 نائباً وإستجاب لها عبد المهدي بقدرية غريبة، رغم إن السيد الحلبوسي قال له “إكمل ” لكن هذه ال “إكمل” ذهبت أدراج الرياح السياسية العاتية التي قامت وستقوم على مبدأ التراضي الأخوي للحفاظ على “ألق وديناميكية” العملية السياسية التي تعاني من أمراض مستعصية تحتاج إلى عشرات العمليات الجراحية على أيادي خبراء، قدم بعضهم عادل عبد المهدي على المنصة لكنّه لم يرهم ولم يلتقي بهم، كما قال العاني!!
لماذا نذهب إلى تصديق العاني؟
ببساطة شديدة لأن السيد عادل أعطانا أكثر من مبرر لتصديق الفوضى والوقائع رغم غرائبيتها، مسترشدين بمقولة للكاتب الكولومبي وزعيم الواقعية السحرية في الرواية العالمية غابريل ماركيز الذي أجاب صحفياً على سؤال عن الوقائع الغرائبية في رواياته وقال له:
الواقع أغرب من الخيال وإن الغرائب التي قرأتها في رواياتي هي أقل من غرائبية الواقع في أميركا اللاتينية “، ولو كان ماركيز عراقياً لكتب رواية ” مائة عام من خراب البلاد ” بديلاً عن روايته ” مائة عام من العزلة “!
ولو ذهبنا، من باب الموضوعية والإنصاف، إلى تكذيب الدكتور العاني وهو النائب المخضرم، فإن تكذيبنا سيكون منقوصاً حال كابينة عبد المهدي، مالم يصدر تكذيباً واضحاً من عبد المهدي أو مكتبه ليقول لنا “لا تعارف على المنصّة والجميع خرجوا من كم السيد”!
ولأن الواقع أغرب من الخيال، فإن السيد عادل أرانا بعض غرائبياته من خلال النافذة المفتوحة التي إزدحمت بالطلبات ثم تقلصت إلى كراسي فارغة وصراعات على المتبقي منها وحيرة مابعدها حيرة على الإختيار كما هو حال وزارة الثقافة اليتيمة، التي لاصراع عليها اليوم وهذا من حسنات الثقافة التي لاتؤمن بالصفقات!
وتكرّ علينا الغرائب كحبات المسبحة، حين إكتشفنا وعرفنا، إن شدّة الكابينة لم يجر تدقيقها في هيئات البلاد الكثيرة من المساءلة إلى النزاهة، ليتضح مؤخرا إن وزيرين تشملهما صاعقة المسائلة وهما الجربا مرشح الدفاع ونعيم الربيعي مستوزر الإتصالات!
على هذا الواقع ومخرجاته، ستكون لنا نحن الجمهور المكتوي بهذه الكوميديا السوداء، مساحة واسعة للسخرية، ترويحاً عن النفس، من طبقة سياسية رئة تجعلنا نمضي بعض الوقت في تتبع غرائبها وسماع الشائعات أو الوقائع عنها والضحك عليها رغم إنه الضحك الذي يشبه البكاء!!