منذ الثاني من شهر تشرين الأول الجاري والعالم يشهد ضجيجا إعلاميا لا يهدأ بسبب قضية اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي دخل قنصلية بلاده في اسطنبول ليختفي بعد ذلك، ويجعل العالم بأسره يعيش في دوامة التحليل والتأويل والتحقيق دون الوصول إلى نتائج دقيقة حتى اللحظة ..
الشيء الوحيد الذي يتفق عليه الجميع ان خاشقجي دخل القنصلية السعودية بحدود الساعة الواحدة والربع من ظهر اليوم الثاني من تشرين الثاني الجاري..
اللافت في الأمر أن التصريحات شبه الرسمية وحتى بعض الرسمية ومنذ الساعات الأولى لاختفاء خاشقجي تؤكد أن السلطات السعودية استدرجته إلى القنصلية، وأرسلت فريقا مختصا لقتله ثم تقطيعه ونقله في حقائب كبيرة إلى جهة مجهولة، ولا يزال هذا السيناريو هو الأقرب والذي تؤكده أغلب التقارير الإعلامية والأمنية ايضا.
شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية أكدت في تقرير صادر عنها مساء يوم الجمعة الموافق ٢٠١٨/١٠/١٢ أن وكالات استخبارية أجنبية تمتلك أدلة بالصوت والصورة عن مقتل “خاشقجي” داخل القنصلية السعودية.
السؤال الأهم في الموضوع هو لماذا اختفى خاشقجي؟
اعتقد ومن وجهة نظر تحليلية ان الامر لا يخلو من لعبة امريكية وتواطؤ تركي وغباء سعودي مطبق، وإليكم بعض الحقائق الممهدة لهذه الرؤية:
١. اسعار النفط بدأت ترتفع بشكل لافت خصوصا مع تردد السعودية في تعويض حصة إيران من النفط في الأسواق العالمية.
٢. ترامب ينتقد منظمة اوبك بشدة ويتهمها باستغلال حاجة العالم إلى النفط.
٣. تركيا تواجه ضغطا اقتصاديا خطيرا نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها أمريكا جراء احتجاز القس الأمريكي برانسون.
التسريبات الإعلامية تقول ان عادل الجبير وزير الخارجية السعودي وفي زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الامريكية كلف أحد أصدقاءه الامريكان بترتيب لقاء له مع خاشقجي، وفعلا تم اللقاء، وبعد ذلك بفترة غادر خاشقجي الولايات المتحدة الأمريكية قاصدا تركيا لإتمام معاملة خاصة بإجراءات طلاق لزوجته السابقة، لتبدأ بعدها الأحداث الدراماتيكية لاختفائه، والتي اوصلتنا الى الحقائق الاتية:
١. السعودية أصبحت في مواجهة العالم بأسره بعد فشلها الذريع في إخفاء جريمتها، ولعلها تواجه أخطر أزمة في تاريخه.
٢. الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية تصعد إعلاميا وتؤكد على ان هذه الجريمة لا يمكن أن تمر دون حساب.
٣. تركيا تكشف الأدلة المتعلقة بتورط السعودية بقتل خاشقجي بالتزامن مع محاكمة القس برانسون الذي حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات مع ايقاف التنفيذ.
٤. الليرة التركية تتعافى تدريجيا بعد سلسلة تراجعات لقيمتها أمام الدولار الأمريكي.
٥.السعودية ترسل الأمير خالد الفيصل بصلاحيات مفتوحة لإغلاق ملف خاشقجي باي ثمن بعد انكشاف الأمر بهذا الشكل.
واستنادا إلى ما تقدم اعتقد ان الايام المقبلة ستشهد الاتي:
١. تخفيف التركيز الإعلامي على قضية خاشقجي تدريجيا، ومن غير المستبعد إثارة قضية رأي عام عالمية لصرف الإعلام عن التركيز على قضية خاشقجي.
٢. تعافي قيمة الليرة التركية، وتحسن العلاقات الأمريكية التركية.
٣. هبوط اسعار النفط أو استقرارها عند حد مقبول امريكيا بعد موافقة السعودية على سد حصة إيران من النفط.
٤. تكثيف التعاملات المالية السعودية مع أمريكا لإرضاء ترامب.