صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لماذا المرجعية الدينية؟

يحيّرني غالبية السياسيين والمحللين، في تناقضات دعاواهم، بين فصل الدين عن الدولة بما في ذلك رجال الدين من التصدر للعمل السياسي، وبين دعاواهم للمرجعية الدينية وتحديدا مرجعية النجف للتدخل وقول الفصل في الانتخابات.

يلومون المرجعية وتحديداً السيد السيستاني في انه اكتفى بالقول عبر وكلائه، بالمجرب لا يجرب وقد بح صوتنا وانتخبوا الأصلح، وما الى ذلك من تلميحات تعبر عن سخط المرجعية من الإداء السياسي لطبقة سياسية أعلنت بنفسها فشلها وخوضها في مستنقعات الفساد المالي من الرأس حتى أخمص القدمين، بل الأشد وضوحا وإعترافاً، إن بعضهم قال “كلنا لصوص” فيما إعترف البعض بأنهم قد “تقاسموا الكعكة العراقية”.

والأغرب إن مرجعية السيد السيستاني قالت بالدولة المدنية في أكثر من خطاب، وقالت الأمر لكم فيما تنتخبوه من المرشحين، فلماذا الدعوة لها بالتدخل في التفاصيل السياسية، التي قالت نفسها إنها بعيدة عنها ورفضت استقبال رموز هذه الأحزاب الإسلامية الفاسدة.

حتى أحزاب الإسلام السياسي التي خرّبت البلاد، وعلى رأسها حزبا الدعوة والإسلامي، أقرّت بفشل تجربتها في الحكم وإدارة الدولة، وحوّلت الى الشعارات المدنية وإن كذباً وزوراً وبهتاناً.

فلماذا الدعوة الى المرجعية الدينية بالتدخل في شأن من إختصاص المواطن نفسه، الذي عليه أن يقول القول الفصل في إنتخابات يثار الجدل من الآن عن شفافيتها ونزاهتها.

دعوة المرجعية السيستانية بالتدخل تعني دعوة مبطّنة لإعادة إنتاج الفشل نفسه الذي دفعنا ثمنه شلالات من الدم وارتفاع نسب الفقر والخزينة الخاوية والدولة المديونة والبلاد التائهة في مفترقات الطرق.

المثير أن أول من تجاهل ويتجاهل وسيتجاهل توجيهات المرجعية السيستانية هي أحزاب الإسلام السياسي الفاشلة، وحدث ذلك بأشد الوضوح عندما قالت المرجعية “بح صوتنا” ما يعني إن لا أحد من هذه الأحزاب الغارقة بفضائح الفساد والطائفية كانت تستمع الى مايقال عنها وفيها.

بعض المرجعيات أفتت بعدم المشاركة في الانتخابات، مايعني تكريساً لواقع الحال في كل هذا الخراب.

بعض المرجعيات عبر رجال خطاباتها المأزومة  أفتت بقتل العلمانيين والشيوعيين والمدنيين، لأنهم سبب خراب البلاد والعباد.

بعض المرجعيات تحذر وتخوّف الناس وترعبهم من إن سلطة الشيعة ستفلت من أيادي الشيعة وتذهب الى البعثيين.

ماذا تبقى من عدم التدخل في الشأن السياسي؟

ومع ذلك يأتيك من يطالب المرجعيات الدينية بالتدخل، ولكن في ماذا؟

في أن تقول انتخبوا فلانا واتركوا علّان؟

في أن توجه رأي الناخب وخياراته الى الحرس القديم الذي أذاقنا المرّين ؟

في تكريس واقع الحال؟

لماذا لا نطالب المرجعية الدينية العليا ممثلة بالسيد السيستاني بلجم الأصوات التي تدعوا لقتل الآخر؟

لماذا لاندعوها الى تحريم مثل هذه الافتاءات التي تعمّق الانقسام الإجتماعي وتشعل فتيل بل فتائل الفتنة بين الناس بمختلف مكوناتهم؟

لماذا لانطالبها بالدعوة الى عزل وفصل كل رجال الدين من خطباء الجمعة الذين يصبّون الزيت على النار لتأكل ماتبقى من الأخضر واليابس؟ لماذا لانطالبها بكل هذا فيما نطالبها بالتدخل بالانتخابات؟

لماذا لا نستخدم الدور الإيجابي لمرجعية السيد السيستاني، فيما ندعوها الى ما نأت عنه أو لاتريد أن تكون طرفاً فيه؟

السياسيون الفاشلون وحدهم من يبحث عن منقذ .فلاتستمعوا الى مطالباتهم وإذهبوا الى صناديق الإقتراع و”لا تجربوا المجرب”.

هاي مو كافي؟.

أقرأ أيضا