لا اجد أي ضير بان يكون للأردن «حصة» من مشروع الشام الجديد وما سيتبعه من مشاريع جديدة في منطقتنا حتى وان كان «تحت العباءة الفرنسية» بعد «نكوص الامريكان» مؤخرا في دورهم وتحركهم بالمنطقة على اثر تاجيل قرار الضم وتنفيذ صفقة القرن.
وما الذي يمنع أن يكون الأردن مركزا اقليميا واستراتيجيا في المنطقة، ومزودا هاما ورئيسا لكل لوجستيات البنى الاقتصادية التي سوف تقام والتي سيكون فيها العراق ومصر ولبنان مرورا بالأردن شركاء.. وربما سوريا في وقت لاحق؟
بغض النظر عن مدى فتور العلاقات الأردنية الامريكية مؤخرا، ومحاولة البيت الابيض من خلال «فتى الصفقات» جاريد كوشنر تهميش الدور الأردني بمساعيه حول ما يسمى احلال السلام للقضية الفلسطينية، والرد الأردني الرافض سلفا لصفقة القرن وما جاء فيها من بنود، فان «جغرافيا الأردن» تفرض على كل من يحرك اي مشاريع في المنطقة ان يعود لعمان ويشركها بالامر.
فرنسا ومن خلال رئيس الاليزيه ايمانويل ماكرون يدرك ذلك تماما ويستغل تراجع الدور الامريكي هذه الايام «ويرمي باوراقه» لغايات ومساع سياسية واقتصادية تنطلق من لبنان مرورا بالاردن نحو العراق وسوريا لاحقا، وخير دليل على ذلك زيارة الرجل مرتين لببروت ومرة للعراق في اقل من شهر حاملا معه حزمة مشاريع اقتصادية وسياسية.
يدرك ماكرون – وهو الذي اصبح الآن صاحب الراي الى جانب المستشارة انجيلا ميركيل في الاتحاد الاوروبي بعد «اتفاق بريسكت» ان مشروعه في المنطقة لن يتحقق بدون «اجراء توازنات سياسية واقتصادية» سواء في لبنان من خلال تشكيل «حكومة تيارات توازن بين قوى الأحزاب» على اختلافها واجراء انتخابات قريبا في ظل وجود مصطفى اديب المكلف برئاسة الحكومة بعد انفجار المرفأ، وفي العراق من خلال تحقيق اصلاحات سياسية واقتصادية والقضاء على الفساد والارهاب بوجود حكومة الكاظمي.
فرنسا تدرك تماما دور الأردن الهام والاساسي في تطبيق اجندة المشروع الجديد، فكانت زيارة الملك عبد الله الثاني لباريس الان لوضع اللماسات الاخيرة، قبيل زيارة ماكرون الثالثة للمنطقة والمقرر أن تتم قبل نهاية العام.
لا شك ان لقاء الملك ماكرون مهم جدا وحساس وربما قد يغضب البعض….، خاصة بعد محاولة «دول الاعتدال العربي» جر العراق مسافة ابعد عن طهران وتركيا.
ما يهمنا ان تنعكس هذه الزيارة ايجابيا على ملفات المنطقة وتحلحل بعض مشاكلها وتسهم في النهوض بها دون اي حاجة لـ«لمسة ترامب» او صهره كوشنر في المستقبل.