اليوم عُقد في بغداد المؤتمر السادس لسفراء العراق في الخارج، وهي المرة السادسة التي أتابع فيها هذا المؤتمر ببالغ الاهتمام بهدف رصد مستوى تطور الدبلوماسية العراقية.
بحكم عملي كمراسل صحفي دولي أكون على تعامل دائم مع المجتمع الدبلوماسي الدولي وعلى احتكاك بالبعثات العراقية ما يؤهلني أن أضع بعض الملاحظات حول المؤتمر وحول حقيقة أداء السفارات العراقية.
كالعادة، شهد المؤتمر السادس العديد من الكلمات المتفائلة والدعوات الى أن تكون السفارات وطن آخر للعراقيين في المهجر، ولكن كالعادة أيضاً ينتهي مفعول هذه الكلمات مع نهاية المؤتمر، ويعود السفراء الى ممارسة أدوارهم الانعزالية والحزبية الضيقة في العواصم الدولية بعيداً عن الجاليات وعن النخب العراقية المقيمة في المهجر.
الدبلوماسية العراقية لم تكن صانعة نصر لأن النصر جاء من الداخل وليس من الخارج، وإن الأدوار الدبلوماسية التي لها تأثير إيجابي في الحرب كانت تقوم بها بغداد وليس السفارات.
لكن من الضروري الإشادة بجهود القنصليات وليس الأقسام السياسية في السفارات، فالقنصليات تلعب أدواراً إدارية معقولة لحل مشاكل العراقيين الروتينية وهي في تحسن مستمر إلا أن الأداء السياسي والعلاقات العامة وحتى التعاون الثقافي يكاد يكون سيّء للغاية وذلك بحكم:
1– غالبية السفراء جرى تعيينهم على أساس الولاءات الحزبية والمحاصصة، وهذا يبدو واضحاً من خلال سيرهم الذاتية وتخصصاتهم العلمية، حيث ليس من المعقول أن يكون سفير العراق في باريس قد درس الكهرباء وسفير العراق في واشنطن قد درس الفيزياء.
2– عدم إجادة الكثير من السفراء العراقيين للغة البلد الأجنبي، وهذا يشمل الجهل بالتاريخ والثقافة العامة وعدم القدرة على بناء علاقات واسعة مع طبقات المجتمع.
3– إن اتساع ظاهرة السفراء العراقيين من حملة الجنسيات الأجنبية ظاهرة لا تعطي ملامح جدية للدبلوماسي العراقي حيث هذه الحالة تجعل من السفير ممثلاً قلقاً للدولة العراقية ويكفي بأن يوصف بإنه مشتت.
تجدر الإشارة الى أن السفراء والسفارات العراقية في الغالب لا يتمتعون بعلاقات جيدة مع الأوساط الصحفية، وهذا بحد ذاته مؤشر على الفشل، ففي الوقت الذي لا يتواصل فيه السفراء العراقيون مع الصحفيين العراقيين بشكل جيد يكون فشلهم مضاعفاً في التواصل مع الصحافة الأجنبية.
في الوقت ذاته، من الضروري القول بوجود كوادر دبلوماسية ناضجة في الخارجية العراقية، فالمشهد ليس كله أسود، حيث يوجد هنا وهناك أفراد يسعون الى ممارسة أدوارهم الوظيفية بشكل مهني محترف، لكن هذه الكوادر تكاد تكون (ضحية صامتة) امام الفشل الذي يفرضه وجود بعض السفراء.
في المؤتمر السادس تبدو مشاركة الرئاسات الثلاث واضحة ولكن لم يصدر عنها شيء غير الكلمات المكررة، وهو ما يعني إعادة تكرار للنسخ السابقة من المؤتمرات التي شارك فيها ذات السفراء ولكن بسفارات مختلفة هذه المرة.
ختاما فان رئيس الوزراء حيدر العبادي، دعا خلال المؤتمر الى ان يكون وجه العراق ناصعاً في الخارج، وهذا ما يتمناه الجميع، لكن ينبغي تحديث السفارات وتحسين ادائها، لتكون أوطانا للمغتربين كما أكد وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، والذي أكد أيضا على ضرورة احترامها المواطن العراقي والتواصل مع النخب وليس التعالي عليهم وغلق الأبواب في وجههم.