كتبت في مقال سابق تحت عنوان “البصرة على مائدة اللئام” عن حملات الاعتقالات والتصفية الجسدية والاختطافات والاختفاءات لناشطين في حركة الاحتجاجات الجماهيرية في البصرة.
وقلت “اعتقالات واسعة طالت ناشطين في حركة الاحتجاجات الأخيرة، من دون صدور أوامر قضائية، وهذه الحملة دفعت مئات الشباب الذين سبق أن شاركوا في التظاهرات إلى مغادرة منازلهم، خشية التعرض للاعتقال”.
هذا جزء من المشهد في البصرة، وسبقه مشاهد في بغداد منذ 2011 حين استخدم العنف المفرط برعاية حكومية وشهود من أهلها، كانوا يراقبون عمليات القمع من أسطح البنايات في ساحة التحرير، وهم يبتسمون لانتصاراتهم على الشعب الأعزل.
وانتقل المشهد إلى كل المحافظات التي شهدت حركة احتجاجات شعبية واسعة، وشملت هذه “الحملة الإيمانية” حتى نشطاء ومدونين على صفحات التواصل!
الأبشع هو مشهد الاغتيالات والاختطافات المقيّدة ضد “مجهولين” عند السلطات الحكومية ومعلومين عند الجماهير، فسمات القتلة مميزّة في ذاكرة الجمهور!
ليست الأخيرة في القائمة الناشطة سعاد العلي (46 عاماً) التي اغتيلت في البصرة بدم بارد وملوث بالحقد والجهل الأعمى.. رصاص معلوم المصدر أسكت صوتاً من أصوات الحق، صوتها الذي كان آخر ماقالته “إننا أحرار وصامدون لمواجهة الظلم، وسنستمر في المشاركة مهما كانت المخاطر والمعوقات”، في أسوأ انحدار وفي الدرك الأسفل من القيم “الأخلاقية” الأشد نذالة في العراق “الديمقراطي الجديد”!.
سبقها اغتيال محامي الدفاع عن المتظاهرين في البصرة جبار عبد الكريم، في تموز الماضي، لم تكف وتشفي غليل حقدهم رصاصة واحدة بل أمطروا جسده بأكثر من خمس عشرة رصاصة غادرة وأمام مركز شرطة الهادي وسط المحافظة، ومع ذلك قيّدت الجريمة ضد “مجهول” لـ”تضيع” معالم الجريمة عند السلطة المتفرجة على خنق صوت الشعب بالرصاص الغادر، ودفع الثمن في بغداد هادي المهدي حين وجد مسربلاً بدمه في شقته المتواضعة بمنطقة الكرادة في بغداد، واختفى جلال الشحماني وزميله واعي المنصوري، وهو أحد أبرز الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان في ساحة التحدي، ساحة التحرير في بغداد.
أما ملاحقة المحتجين في الأزقة والمطاعم واعتقالهم وتعذيبهم، فقد أصبحت تقليداً من باب تسلية رجال رجال الأمن. ألا نستطيع أن نعتبر شرطة البصرة متواطئة في اغتيال الناشطة سعاد العلي، وهي (الشرطة) تقول في بيان لها “في الساعة 15:30 أطلق المتهم الهارب عماد طالب مبارك النار، وقتل طليقته الدكتورة سعاد حبيب لجلاج العلي الناشطة في منظمة حقوق الإنسان المولودة عام 1972!!
هل سمعتم ببيان حكومي يذكر فيه عمل المجني عليه في منظمات مجتمع مدني مع ذكر سنة التولد؟!
رواية الشرطة محاولة مقصودة للتغطية على الأسباب الحقيقية للجريمة أولاً، وتشويه سمعة المجني عليها بالايحاء عن سائق وقضية طلاق.. الخ!! لكن الجديد فيما يحدث في البصرة، بحسب الناشط المدني محمد الربيعي، أن الأجهزة الأمنية أصحبت تتحدث عن “سلامة الناشطين المختطفين لدى الجهة الخاطفة”..
وأكرر “أخبار الاعتقالات الليلية والفجرية والتعذيب والتعهدات سيئة الصيت المستنسخة من نظام صدام، حين كانت أجهزته الأمنية القمعية تجبر “المشتبه بهم” بتوقيع تعهدات بعدم ممارسة أي عمل سياسي خارج أطر تنظيمات حزب البعث، أصبحت متداولة ومعروفة ليس لأهالي البصرة وحسب وإنما تناقلتها وكالات أنباء عالمية، وسط صمت حكومي مشبوه ومن قوى التيارات والأحزاب المدنية الأكثر شبهة!!”.
ليس أمامنا إلا أن نسأل القتلة من أذرع الأحزاب الإسلاموية، فلا غيرها من يحمل السلاح علناً، بحسب العبادي: ماذا أبقيتم لصدام حسين في ذاكرة العراقيين؟
البقية التي تحبون استنساخها ليست متاحة لديكم لعوامل لامجال للحديث عنها هنا، لكنكم لو تمكنتم لكنتم أسوأ من صدام بكثير، كما حال الطبقة السياسية الحالية التي قدمت للعراقيين المنجز الكبير وهو “تبييض وجه صدام” في مواجهة الخراب الذي تغرق فيه البلاد!!