اغتيال الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة هو جزء من حكاية اغتيال وإعدام كل مظاهر الحياة والمستقبل في منطقتنا. هذه المنطقة التي تعتبر مهبط الأديان والقوانين، ومثوى الآمال والأحلام ، ومبتدأ تاريخ العذاب.
كالعادة سيفلت قتلة شيرين من العقاب كما هو الحال في العراق ولبنان وسوريا وتركيا وايران.. حيازتها للجنسية الأمريكية، ربما سيلعب دوراً ما هامشيا أو مركزيا في متابعة التحقيق في ظروف اغتيالها.. وفي تظهير الصورة وتسليط الضوء.
هل هذا من حسن حظك ايتها الشهيدة؟ لا أظن.. وهل من سوء حظك وحظ العراق يا هشام الهاشمي أنك لا تملك سوى جنسيتك الوطنية وموهبتك المميزة وجسارتك الجامحة!؟
أي موكب تشييع تابعك لمثواك، وأي وسام مُنحت، وأي فضاء وفضائيات لاحقت قضيتك.. وقضايا زملائك وأترابك من المقتولين والمغدورين والمغيبين والمختطفين على شاكلة سمير قصير ولقمان سليم وكامل شياع ومازن لطيف وتوفيق التميمي..
في فلسطين المحتلة يشيّع جثمان شيرين علناً وعاليا، والصحافة الاسرائيلية تقترب تدريجيا للاعتراف بمسؤولية سلطة الاحتلال عن اغتيالها.
وفي العراق المتمتع بالسيادة كما تتباهى السلطة، والناقص السيادة كما يجأر محور الممانعة، يقتلون المثقف والإعلامي والناشط.. وما من أثر ولا دليل على الفاعلين. ما من نادبين ولا باكيات، سوى ذوي القربى ومن يشاركونهم من المثكولين.
لقد قتلوا شيرين، ليس لأنها فلسطينية أو أمريكية، بل لأنها كانت كانت تقول الحقيقة.
القتلة كالعادة سيفلتون من العقاب، والمقتولون وحدهم سيلتحقون بأحبائهم.. تسبقهم آمالهم وجنانهم المستحيلة. بعدها ماذا يعني اعتراف من يعترف؟
ألم تظهر السلطة العراقية مخلوقا على شاشة فضائيتها يدلي باعتراف قتلِه لهشام ومن ثم لا أحد يعلم مالذي جرى؟ ألم يغلق ملفه وملفات الآخرين.. المقتولون يذهبون، يغادروننا كأحياء وأحباء، وبزعل واضح- انظر لوجوه الشهداء.
أما القتلة فهم يتواجدون ويتناسلون ويتراكمون- بيننا وفي حياتنا-وبولاءات جديدة من دون ان نتمكن من حذفهم أو إزاحتهم ودفعهم الى وراء ما.