إن نظام التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات بين الأفراد يوفر الكثير من الوقت، حيث يتفادى الأطراف المتنازعة من خلاله تعدد درجات التقاضي بالاضافة الى بطء الفصل في النزاع, ويعتبر التحكيم تاريخيا هو ضربا من القضاء, حيف عرفته الانسانية في جميع الحقب الحضارية اي قديم النشأة وليس حديث, وبالرغم من ان التحكيم كان من اقدم الوسائل القانونية لفض النزاع ثم ظهر فيما بعد القضاء الذي تنظمه الدولة, الا ان التحكيم تطور تطورا كبيرا حتى اصبح من اهم الوسائل واقدرها على فض النزاعات في الوقت الحاضر, خصوصا في المجال الرياضي حيث انشأت هيئات رياضية تتولى تسوية النزاعات التي قد تثور بين الاطراف الرياضية عن طريق التحكيم ومنها محكمة التحكيم الرياضية الدولية (CAS), اما في العراق فان قانون اللجنة الاولمبية النافذ والذي اقره مجلس النوب العراقي قد نص في المادة 16 منه على أن “يؤسس مركز للتسوية والتحكيم الرياضي يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري ويختص بالنظر في المنازعات الرياضية وفقا للميثاق ومجلس التحكيم الرياضي الدولي بناءً على نظام داخلي…”.
إن هذا النص لمن يقرأه فانه يحمل بشارات الخير لاسيما للكثير ممن لهم حقوقا والتزامات تجاه اخرين لم يوفوا بها, الا ان هذا المركز لن يرى النور طالما ان اللجنة الاولمبية “معطلة”، كونها اصبحت غير شرعية بسبب بطلان انتخاباتها وبقرارا قضائي, اما النظام الاساسي لاتحاد العراقي لكرة القدم فقد نص في المادة 62 منه على:
1- منع اللجوء مطلقا الى محاكم الدولة العادية او الرياضية في جميع النزاعات الداخلية
2- بدلا عن هذه المنازعات اعلاه يجب فضها عن طريق اللجوء الى محكمة تحكيم رياضية مستقلة معترف بها من قبل الاتحادين العراقي والاسيوي او عن طريق اللجوء الى المحكمة الرياضية الدولية في لوزان.
من خلال التدقيق في هذا النص وخصوصا البند الثاني منه نرى انه وبالرغم من عدم تأسيس محكمة تحكيم رياضية الا انه تم النص عليها في النظام الاساسي للاتحاد الكرة كما انها تنال شرعيتها وشخصيتها المعنوية واستقلالها الاداري والمالي من خلال الاعتراف بها من قبل الاتحاد العراقي لكرة القدم في بادئ الامر, وبالنتيجة نرى انه على الهيئة المؤقتة “التطبيعية” لإدارة اتحاد كرة القدم العراقي يجب ان تستحدث هذه المحكمة بغية انهاء الكثير من المنازعات الرياضية لاسيما ان مبررات تأسيس هذه المحكمة كثيرة ومن اهمها:
يتميز التحكيم عموما بقدرته على الفصل في المنازعات في وقت قصير تلافيا لبطء الاجراءات في المحاكم القضائية, كما يتميز التحكيم في تسوية المنازعات بشكل سري خلافا للقضاء الذي من خواصه العلانية في التقاضي, اضافة الى عدم تقييد حرية الاطراف المتنازعة في التحكيم بل يمارسون حقهم في الدفاع بشكل كامل اضافة الى رغبتهم في الحصول على قرار حكم عادل بينهما ويضمن استمرار علاقتهم بالرغم من وجود الخلاف, و يتميز التحكيم ايضا بمرونة التقاضي, حيث يتحرر من القواعد القانونية المعقدة, اضافة الى احترام المبادئ الاساسية للتقاضي و منها : احترام حقوق الدفاع, المساواة بين الخصوم, السماح للخصوم بالاطلاع على مبرزات ملف النزاع, و حقهم في مناقشة هذه المبرزات, وكذلك حرية المحكم المطلقة والتحرر من الاجراءات المعقدة, و من اهم المبررات ان التقاضي او رفع النزاع الرياضي الى اللجان المختصة سواء اكان في الاتحاد الاسيوي او الدولي او محكمة التحكيم الرياضية في لوزان, يحمل الرياضي رسوما مادية باهضة, بينما في التحكيم الرسوم تكون قليلة نسبيا مع هذه اللجان او المحاكم الرياضية.
والسؤال المهم هل هذه المبررات كافية لتكون سببا تدعوا الهيئة التطبيعية الى ان تقرر تأسيس هذه المحكمة؟
علي الظالمي: ناشط ومحامي