صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

مصير الاتفاقية النفطية بين بغداد واربيل (1-2)

في البدء.. وللاستذكار فقط، لم يقم الإقليم بتصدير نفطه الخام (بشكله التجاري)، إلا بعد قرار قطع حصة الإقليم من الموازنة العامة الاتحادية بشقيها التشغيلي والاستثماري من قبل الحكومة الاتحادية في الأشهر الاخيرة من عام 2013، ودون إجراء أي تشاور مع الإقليم بهذا الخصوص، الامر الذي اجبر حكومة الإقليم فيما بعد لإيجاد سبيل اخر لحل هذا المأزق الخطير الذى واجهه الإقليم، ولاسيما بخصوص دفع الرواتب والأجور وتسديد النفقات التشغيلية الاخرى والاستثمارية للحكومة وغيرها، حيث اقدمت حكومة الإقليم على تصدير النفط الخام المنتج في الإقليم بشكل تجاري منذ منتصف عام 2014، وعن طريق الأنابيب عبر ميناء (جيهان التركية) ومن خلال عقد اتفاقيات مع شركات إقليمية ودولية متخصصة، ومنها تركية، وعلى ما يبدو، دون اجراء تشاور جدي مع الحكومة الاتحادية بهذا الشاًن، ودون تفويض رسمي من قبلها، وبالتالي لم يحصل اي اتفاق رسمي على (الية قانونية ومالية وفنية) بين الحكومتين في حينها لتصدير نفط إقليم كوردستان من قبل حكومة الإقليم.

ان الامر السابق قد خلق (نزاعاُ مزمنا) بين الحكومتين حول طبيعة العلاقة الدستورية القائمة بينهما من حيث الحقوق والواجبات، ولا سيما عند إعداد وإقرار الموازنات العامه الاتحادية في بداية كل سنة مالية، حول كيفية تحديد حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية السنوية، وهنا يستوجب الإشارة الى ما يلي:-

أولا- منذ بداية ظهور هذه المشكلة، أقامت الحكومة الاتحادية، عن طريق وزارة النفط، دعوى قضائية ضد الحكومة التركية في عام 2014، لدى هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في مدينة باريس، وذلك وحسب الدعوة المذكورة، هناك (مخالفة) في احكام اتفاقية (خط الأنابيب العراقية التركية) الموقعة في عام 1973، والتي تنص على (وجوب امتثال) الحكومة التركية لتعليمات الحكومة العراقية فيما يخص مرور النفط الخام العراقي المصدر الى جميع (مراكز التخزين والتصريف والى المحطة الاخيرة).

وبعد مرور سنوات عديدة أصدرت الهيئة المذكورة في 2023/3/23 قرارها النهائي لصالح الحكومة العراقية ضد تركيا بشاًن تصدير نفط خام إقليم كوردستان، وبالنتيجة سبب في (توقف)عمليات تصدير النفط عبر تركيا.

ثانياً- وقبل أشهر من صدور قرار محكمة باريس المشار اليه اعلاه، حصل نزاع دستوري بين كل من مجلس قضاء إقليم كوردستان العراق والمحكمة الاتحادية العليا للعراق اثر اصدار الاخيرة قرارا برقم 15 في شباط 2022 بهدف الغاء قانون النفط والغاز في إقليم كوردستان العراق رقم 22 لسنة 2007 الصادر من قبل البرلمان الإقليم، الحكم او القرار يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز للإقليم، ويلزم الإقليم بتسليم الانتاج النفطي الى الحكومة الاتحادية، في حين يدعي مجلس قضاء الإقليم بان المحكمة الاتحادية ليست لها صلاحية اصدار قرار الغاء قانون النفط والغاز للإقليم ،و اصدر المجلس القضاء للإقليم في (30ايار 2022) بيانا اوضح فيه حجج دستورية قانون النفط والغاز الإقليم، الامر الذي فاقم من طبيعة العلاقة المتأزمة بين الحكومتين بشاًن دستورية او عدم دستورية عملية تصدير نفط من قبل حكومة الإقليم.

ودون الخوص في التفاصيل، ولاجل حل مأزق تصدير نفط الإقليم وبعد اجراء سلسلة من المفاوضات توصلت الحكومتان الى توقيع (الاتفاقية النفطية الموقتة) بين الحكومتين في 2023/4/4 يقترض بها ان تحل المشكلة النفطية القائمة بين الطرفين بصورة موًقتة لحين إقرار الموارنة العامة الاتحادية لعام 2023 وتصديق مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي من قبل البرلمان العراقي.

وتعتبر هذه الاتفاقية بمثابة اتفاق لاستئناف او معاودة تصدير النفط والغاز في الإقليم وبما سيمهد الطريق الى إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي ،حيث طلب العراق رسميا من تركيا لاستئناف تصدير نفط الإقليم (المتوقف منذ (25 آذار 2023) عبر خط انابيب العراقية التركية، واكد رئيس الوزراء العراقي، عند مناسبة توقيعها، بان هذه الاتفاقية تحقق مصلحة الشعب العراقي وتزيد من الإيرادات النفطية الاتحادية وتقلص فجوة العجز المالي في الموازنة العامة.

ومن اهم بنود هذه الاتفاقية ما يلي:-

ا- تصدير (400 الف) برميل نفط من قبل الإقليم عبر شركة النفط الوطنية المعروفة ب(سومو).

ب- تعين ممثل عن الإقليم في الشركة اعلاه، وان يشعل منصب معاون رئيس الشركة كاقتراح اولي.

ج- تشكيل (لجنة رباعية) تضم ممثلين اثنين من كل من وزارتي النقط العراقية والثروات الطبيعية للإقليم، مهمتها الإشراف على بيع النفط المستخرج من الإقليم قي الأسواق العالمية لحين تشريع قانون الموازنة العامة 2023، او تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي.

ء- التوصل الى (التفاهم) بين الطرفين بشاًن الاًتفاقيات النفطية التي عقدتها حكومة الإقليم مع شركات النفط العالمية، والاستعانة بخبراء وزارة النفط العراقية لتسهيل او لتدليل عقبات عملية التفاوض مع تلك الشركات النقطية العالمية بهدف تسهيل تنفيذ بنود هذه الاتفاقية النفطية. 

ه- فتح حساب مصرفي خاص تحت (اشراف) الحكومة الاتحادية، على ان يكون هدا المصرف معتمداً من قبل البنك المركزي العراقي، وتخويل رئيس حكومة الإقليم صلاحية (الصرف) من الحساب المذكور تحت إشراف (رقابة) ديوان الرقابة المالية الاتحادية فيما يتعلق (فقط) بالموازنة العامة الاتحادية لعام 2023.

و- ان الضمانة الوحيدة لتطبيق هذه الاتفاقية هي (توقيعها) من قبل كل من رئيسي الحكومتين الاتحادية والإقليم.

aras_hussain@yahoo.com

أقرأ أيضا