صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

مطاردة الضباع

مطاردة الإرهابيين في المناطق المفتوحة والقرى المهجورة يشبه الى حد كبير مطاردة الضباع، وضرب مخابئ مفارز داعش، وتجفيف منابع الدعم والإمداد اللوجستي التي تمول أفراد التنظيم بالسلاح والأموال، والسيطرة بقدرة التخويف على منطقة الصحراء والبادية والجزيرة والتلال في غرب وشرق العراق.

فلابد من المطاردة المستمرة للمفارز الارهابية المسلحة المنضوية تحت لواء تنظيم “داعش” في المناطق الصحراوية، وتوفير قوات خاصة جاهزة لمواجهة هذه المفارز في المناطق المفتوحة.

ثمة ما يبرر التخوف الدولي الأمني من إمكانية صعود او عودة داعش الي العراق وسورية، ربما بسبب قابلية تنظيم داعش على التعايش مع الهزيمة وقدرته على تعزيز قدراته في العراق وسورية عبر التكيف المتسارع الحاصل داخل شبكات “فلول داعش ” فعلى سبيل المثال أهم هذه التكيفات:

١- أعاد بناء شبكات قتالية متكونة من كتائب عسكرية وامنية: اكدت ذلك الأوساط العسكرية والاستخبارية للتحالف الدولي ومراكز الأبحاث المتابعة للشرق الأوسط أن “شبكة داعش في العراق وسريا” تمتلك ما بين ١٤-١٨ ألف عنصر قتالي ولوجستي ناشط، جند منها ما يقرب من ١٠-٪١٥ منهم خلال عام ٢٠١٩ وغالبهم من المحليين، ما يؤكد عدم حاجته

لتجنيد المزيد من العناصر الجديدة في المناطق المحاذية لشرق سورية والقرى الحدودية في غرب العراق. وتلفت التقارير الاستخبارية إلى أن شبكات داعش ركزت دوما على تجنيد أبناء القرى المتضررة اقتصاديا من عمليات التحرير في صفوفه، منها خاصة. إلا أنه خلال الشهور الستة الأخيرة قام باستيعاب عناصر من الاحزمة الريفية للمدن الحضرية.

وتهدف شبكات داعش إلى العمل على “اختراق” الحشود العشائرية والمناطقية السنية لتخفيف العداوة والضرر على عودة عوائلهم، واستبدال العداوة بصلح او هدنة عشائرية مستمرة بالدرجة الأولى!

٢- الوسائل القتالية: تؤكد اعترافات عناصر من داعش القي القبض عليهم في بادية البعاج وصحراء الانبار، إلى حاجة “شبكات داعش” الملحة لمتابعة ملف التمويل الذاتي وتجديد العلاقات مع البيئة السنية الطاردة للإرهاب، في ضوء أن “قيادة داعش ” تركز جل قدراته العسكرية للبحث عن البيئة الحاضنة، والتي هي بالأساس قاعدة بنيوية أساسية لكل شبكة إرهابية، علما بأن العودة لوقائع حرب التحرير ٢٠١٥-٢٠١٧ تشير إلى أثر كبير لهذه البيئات الحاضنة على مجريات المعركة، سواء على صعيد المعارك التقليدية أو الهجينة.

٣- تؤكد تقارير المراقبين على الطرق التي تتزود بها “شبكات داعش” بالإمدادات اللوجستية هي مناطق الحدود العراقية السورية، يبلغ طول الحدود العراقية- السورية ٦٠٥ كم، ١٧٠كم منها تخضع لعمليات التهريب المنظم بسبب فساد القوات الماسكة للحدود، والباقي حدود ممسوكة بقوة وبرقابة صارمة ومهنية.

وعلى طول هذه الحدود، توجد معابر غير رسمية، اثنان منها تستغلها داعش من خلال وسطاء من شبكات التهريب المحلية للحصول على السلاح والدواء والبضائع، وهي تتاجر بكل شيء عبر تلك المعابر، وتهرب السلاح والمواشي والوقود والاثار والأدوية والسكائر والمخدرات والبضائع المختلفة، بحسب ضابط في المخابرات العراقية انه هذه العمليات قد تدر عليهم بأرباح مالية لا تقل عن ١٠٠ ألف دولار يوميا.

٤- الانتشار الميداني: تنظر القيادة المشتركة العراقية وقيادة التحالف الدولي بعين من الحذر والتوجس إلى طريقة انتشار المفارز القتالية لشبكات داعش في المناطق المفتوحة، وبحسب حوار مع قائد في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي أكد انهم ينتشرون بشكل مفارز صغيرة من ٧-١١ عنصر ولديهم خيم وملاجئ وأنفاق وكهوف ودراجات نارية ودعم لوجستي مستمر. وهذا الإجراءات تؤكد نجاح “مفارز داعش” في “التكييف” مع الحملات العسكرية التقليدية التي تسعى الى ان تحد من حرية حركتها، تمكنت “مفارز داعش” في الحضر والبعاج والثرثار ومطيبيجة ووادي حوران وجزيرة راوة وتلال حمرين وجنوب الحويجة من أن تجد لها “متنفسا” تحت الأرض من خلال شبكة الأنفاق التي أتقنت إقامتها وإخفاءها.

اهداف هذه المفارز خلال الشهور الثلاثة الماضية:

١- الاستنزاف ضد قوات الحشد العشائري والشعبي والمناطقي والبيشمركة والشرطة الاتحادية.

٢- تفعيل عمليات الاغتيال بسلاح القناصة، في مناطق خانقين وجلولاء والسعدية.

٣- جمع الاتاوات من المزارعين ورعاة الغنم وأصحاب المصانع والمعامل وشركات نقل البضائع وشركات نقل المشتقات النفطية وشبكات الاتصالات وخدمات الانترنيت ومتعهدي شبكات خطوط نقل الكهرباء.

٤- استحداث سرايا الاسناد لإطلاق قنابر الهاون والصواريخ مختلفة المدى بصورة متقطعة على القرى المعادية والمحاربة لهم خاصة قرى التركمان الشيعة والكاكائية والكردية.

٥- التريث والتقليل من استخدام عمليات انتحارية او انغماسية.

٦- استخدام السيارات المفخخة المركونة في عمليات تهديد التجار وأصحاب الأموال من اجل الدفع والتعاون.

٧- مخططات لخطف الأجانب العاملين في السلك الدبلوماسي او المنظمات الدولية والصحفيين من اجل التفاوض المالي، واختطاف الجنود وموظفي المنظمات الحكومية من اجل عمليات التنكيل الإعلامية، بحسب اعترافات مجموعة من المعتقلين في شهر تموز الماضي.

التدابير الأمنية والعسكرية العراقية في التصدي لمفارز داعش:

القيادة المشتركة العراقية لديها الكثير من التوصيات والمقترحات” ل “تحسين” ظروف ملاحقة مفارز فلول داعش في المناطق المفتوحة.. وأهمها:

١- توجيه ضربات موجعة “للعدو”، من خلال استنزافه لوجستيا وهذا ما يحدث في حملات إرادة النصر، التي تركز على إنهاك امكانيته والإضرار بمكونات قوته الاقتصادية والعسكرية، والوصول معه إلى مرحلة “الافقار الكاملة”، بحيث لا تتكرر “أخطاء” مرحلة ما بعد عام ٢٠١٠، وجعله يفكر ألف مرة قبل أن يقرر الدخول مع “القوات التقليدية والخاصة العراقية” في مواجهة جديدة!

٢- عمليات إنزال خاصة ومكثفة تنفذها قوات جهاز مكافحة الإرهاب بالتعاون مع التحالف الدولي واستخبارات خلية الصقور والاستخبارات العسكرية العراقية.

٣- قيام قوات الجيش العراقي بعزل المناطق المفتوحة وتحديد ارض حرام بعملية “إخلاء” كاملة لمناطق القتال المتوقعة، وعدم منح الفرصة للإرهابيين بالتحرك بين اطراف المدن والارياف، لتحقيق هدفين رئيسيين:

آ- توجيه ضربات قاتلة للمفارز الجوالة لوحدها. عدم الوقوع في كمائن “استدراج القوات البرية”.

ب- التقليل قدر الإمكان من الانفاق العسكري الكبير لحركات الحملات التقليدية والخسائر التي قد تلحق ب”بالقوات المشتركة”، بشريا وعسكريا، عبر توفير قدر أكبر من الاموال والرعاية للاستخبارات، من خلال: اختراق وتجنيد عناصر داخل تلك الشبكات، واختصار زمن المعركة، لأن إطالتها تخدم مصلحة العدو: عسكريا، وإعلاميا. وهنا يجدر التفكير مليا بالتوصية المتعلقة ب”تكثيف العمليات الخاصة بالانزال ودعم العمل الاستخباري ضد العدو”.

أقرأ أيضا