منذ أسابيع والراي العام العراقي منشغل الى حد جنوني بزيارة ولي عهد السعودية والحاكم الفعلي للمملكة المرتقبة الى العراق، بين مؤيد ومعارض، جدل لا يخفى فيه الانحياز لهذا المحور او ذاك حتى من قبل عامة الناس، جدل يحاول اثارة مختلف الأسئلة حول أهمية الزيارة، مواقف السعودية السابقة من العراق ودورها في تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في الساحة العراقية. ومن اجل الاقتراب اكثر من واقع تلك الزيارة المرتقبة اسجل جملة من النقاط:
ـ الزيارة علاقة بين دولتين جارتين حصلت بينهما شبه قطيعة أدت الى سقوط دماء وضحايا بشكل او باخر، الزيارة في كل الأحوال خطوة بالاتجاه الصحيح من اجل ترطيب الأجواء، ويبقى على السياسي العراقي محاولة استثمار الزيارة بهدف من حروب الاستنزاف الشيعية السنية… اننا في زمن طائفية بغيضة وعلينا ان نساهم بتقليل دائرة الخسائر.
ـ ما الذي يخسره العراق من زيارة بن سلمان؟ ان لم تكن الزيارة أساسا تمهد لاستثمارات سعودية في العراق. ولماذا يتصور بعضنا ان العلاقات ستقفز قفزة جنونية وان الأمور ستتغير كليا؟ المهم ان تشكل الزيارة نقطة تحول في العلاقة بين البلدين.
ـ العلاقة مع السعودية تثير جدلا مشابها لما يثار عن العلاقة مع أمريكا. وغالبا ما تكون دعوات المقاطعة انفعالية نابعة من دوافع ايدلوجية ودينية اكثر من كونها قراءة لمصلحة البلدين.
ـ من حق الجميع ان يبدي وجهة نظره بالزيارة وحتى لو هاجمها فالعراق الديمقراطي يسمح بذلك وعلى السعودية ان تتفهم… لكن شريطة ان لا يعرقل عمل الحكومة بهذا الجانب. في بلدان كثيرة هناك معارضة وتظاهرات لزيارات كبار الساسة في العالم لكن الأمور تسير بشكل طبيعي.
ـ هناك تسريبات تحدثت عن رغبة سعودية بزيارة النجف ويبدو انها تسريبات لجس النبض، ومن المستحسن ارسال إشارات إيجابية بشكل او باخر لذلك. على العراق استثمار الماكنة الدينية والإعلامية والمالية السعودية، والقطرية. ان ذلك يوفر علينا جهدا هائلا وامكانيات استثنائية جدا.
ـ كما هي العادة في مناقشة الملفات السياسية أرى اننا نسقط أدوات المثقف وقناعاته على اللعبة السياسية وهذا غير ممكن. للسياسة ادواتها وفنونها واساليبها التي تتعارض أحيانا بشكل كلي مع دور المثقف. نعم يبقى المثقف ممثلا لشريحة مهمة في المجتمع واداة ضغط على السياسي لكن على ان لا يأخذ دوره. إعادة العلاقات مع أي بلدين متحاربين لا يمثل خيانة لاحد. والعلاقات مع السعودية تاتي في هذا الجانب. قصة الخيانة مجرد مزحة ليس لها معنى في فنون السياسة.