أحد شهداء الانتفاضة شاب لم يبلغ العشرين من عمره بعد، وجد في جيبه الف دينار فقط وجهاز موبايل قديم لايوجد فيه رصيد.
هذا نموذج من العراقيين الذي اطلقت عليهم القوات الامنية الرصاص في مواجهة احتجاجات شعبية هي الاولى من نوعها من حيث القوة والتاثير وغياب كلاسيكيات القيادة التي كانت تترك الشباب في منتصف الطريق بعد ان تؤمن حصصها من نظام المحاصصة منذ سقوط نظام صدام 2003.
تحولت رسميا الطبقة السياسية الحاكمة وتحديداً الاحزاب المتنفذة فيها من سلطة وطبقة سياسية فاشلة الى طبقة سياسية قاتلة، بعد سقوط اكثر من مائة شهيد على ارصفة وشوارع المدن المحتجة،فضلاً عن، آلاف الشهداء اصابات الكثير منهم خطرة تودي الى عوق مستدام.
ويأتيك مجلس الوزراء ليصدر قرارات بائسة بعقلية غير قادرة على فهم معطيات الانتفاضة، ونسأل: هل يوجد قرار واحد يتحدث عن محاربة الفساد، اليس من شعارات الاحتجاج محاربة الفساد؟ كلا.. هل توجد فقرة تقول سنحاسب من اطلق الرصاص أو أمر باطلاقه على المحتجين؟ كلا. أما المحتجون الذين كنسوا الأحزاب في ذي قار.. على ماذا فعلوا هذا؟ اليس ضد الطبقة السياسية الحاكمة؟ نعم.
ماذا بشأن قرارات سياسية لمعالجة الخلل السياسي في القوانين ومنها قانون الانتخابات البائس ؟ غائبة عن عقلية سلطة مازالت تعتقد ان الازمة الحالية هي كهرباء وماء وتعيينات.. قرارات تخديرية من الصعب تطبيقها في ميزانية للرواتب، وحتى توزيع الاراضي من سيوفر لها شفافية التوزيع بوجود الفساد والمفسدين.. حلقة مفرغة لطبقة سياسية ليست على قدر حمل مسؤولية المرحلة.
الأزمة الآن في وعي الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة وليس في وعي الناس، طبقة لم تدرك حتى الآن ان القضية لم تعد قضية خدمات، الازمة الحقيقية في منظومة سياسية فاشلة ونهّابة للمال العام، اضافت اليها الانتفاضة المباركة، صفة القاتلة، حين تعاملت مع المحتجين السلميين بالحديد والنار فسقط مئات الشهداء وآلاف الجرحى اكتظت بهم مستشفيات البلاد.
نعم أصبحت طبقة قاتلة ومجرمة يجب ان تقدم ليس للقضاء المحلي فقط وانما يحال المسؤولون فيها عن هذه الجرائم الى سوح القضاء الدولي، ليحاكموا كمجرمي حرب بكامل التوصيف الاخلاقي والقضائي والقانوني والوطني.!
الطبقة التي منها أوامر اطلاق الرصاص على فقراء الوطن.وبينهم الصامتون على مسيل الدماء.هذه الدماء التي انطقت خرساء بغداد بنص من نصوص الابداع الشعبي في مواجهة السقوط الاخلاقي لطبقة لم تكتف بكل هذا الخراب فزادت عليه حروفاً مكتوبة بدماء البؤساء الزكية.
لكن هؤلاء البؤساء يقولون كلمتهم اليوم امام طبقة سياسية تحولت من الفشل الى القتل.القتل العلني المنظم والمدروس المنطلق من فوهات بنادق القناصين المترصدين لمن يرد حياة كريمة لشعب اتعبته حروب البوابات الشرقية والارهاب والطائفية.واليوم على يد السلطة الديمقراطية ” المنبثقة ” ياللفضيحة، من صناديق الاقتراع.
السؤال الاهم من كل تلك الاسئلة هو: هل لهذه الطبقة بعد كل هذا القتل للمحتجين شرعية قيادة البلاد؟