صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

من مواطن إلى د.عادل عبد المهدي

أبارك لكم ترشحكم لتأليف الحكومة القادمة، رغم إني لست متفائلا –كما كنت عند ترشيح السيد العبادي- ولنفس الاسباب وأهمها، إن الطبقة الأوليغاركية التي كانت سببا في شيوع وإتساع حالة الفوضى لن تكون –ولا أعتقد إنها تريد- العمل من أجل إيجاد نوع من النظام في العراق، كما إن جبهة الفاسدين وأدواتهم أصبحت بمرور الوقت اقوى من أجهزة الدولة وأشد فتكا، لكن رغم هذا أمام جنابكم فرصة تحقيق نقلة نوعية للوضع العراقي التي يمكن أن تتحقق من خلال إدارة علمية بأدوات وآليات وطرائق مختلفة عما سبق، ولأني مواطن عانى تبعات فشل الحكومات السابقة في إدارة موارد البلد، وأنظرإلى وضع العراق من زاوية مختلفة تماما عن الزاوية التي تنظر من خلالها الطبقة السياسية التي آلت بالوضع العراقي إلى ما آل إليه، فإن أول ما أرجوه منك وأوصيك به، هو أن تكون “مختلفا” عمن سبقوك، فبإختلافك عنهم نأمل أن ينجو العراق والعراقيين ويأمنوا على حياتهم ومستقبل ابناءهم، ورغم إني أكاد أكون متيقنا إنك لن تقرأ رسالتي هذه، لكني تعلمت-على خلاف الكثيرين- أن اقدم “نصائح مجانية” عسى أن تسهم في إصلاح حال أو إنقاذ إنسان، ولكي تكون “مختلفا” أقترح التالي:

أن تطلب من المرشحين للوزارات أن يقدموا برنامجا لعمل الوزارة التي يريدون أن يستوزروها مقرونا بجدول زمني لكل بند فيه، على أن يتضمن البرنامج أفكار غير نمطبة للتعاطي مع المشاكل المستعصية مثل إستمرار العمل في المشاريع الملحة مثل مشاريع الماء والكهرباء 24 ساعة باليوم بثلاث وجبات عمل متتالية، فلم يعد لدينا هذا الترف بالوقت، وأختر الشباب المبدعين منهم، فهم لم يتقولبوا بعد على القوالب الكلاسيكية الجاهزة في الإدارة والتخطيط والعمل.

أن تعمل على تضمين كل موازنة إعتبارا من موازنة العام القادم، إستقطاع خمسة دولارات من كل برميل مصدر من النفط وتوضع الإيرادات في صندوق خاص بإسم (صندق الطواريء) بإدارة مجلس من ممثلي بعض الوزارات ذات العلاقة بالمشاكل التي تخصص لها الأموال وهي(مشكلة الكهرباء،مشكلة الماء الصالح للشرب، تشغيل الايدي العاملة، إعادة إعمار المناطق المحررة) وعضوية ممثلين من الجهات الرقابية، وتؤخذ قراراته بالأغلبية وتصرف أمواله حصرا لمعالجة المشاكل أعلاه، ويكون العمل تحت الإشراف المباشر لرئيس مجلس الوزراء، لحين إنهاء تلك المشاكل على وفق جدول زمني واضح لا يتعدى السنتين،يمكن تحقيق ذلك بثلاث وجبات عمل متتالية في الحقول التي تتطلب وتيرة عمل متسارعة فلم يعد لدينا المزيد من الوقت لإهداره.

أن تقوم بإنشاء دائرة مرتبطة برئيس مجلس الوزراء، إسمها (مديرية أو دائرة المتابعة والتحقق) هدفها متابعة المشاريع في الوزارات والمحافظات وكيفية إحالتها، وماهي معوقات عمل الشركات في المشاريع المحالة عليها وسبل معالجتها، هذه الدائرة ستكون بداية مكافحة الفساد.

أن تعمل على أن يتضمن الموقع الالكتروني لكل وزارة أو محافظة، خط سير الأموال المخصصة لها، منذ تخصيصها وإستلامها، وكيفية وكيف تم إنفاقها،ومن أمر بالصرف ولمن، وهل موضوع الصرف يقع ضمن تخصيصات الموازنة أم لا، بالأوراق والمستندات والأسماء، هذه أهم خطوة في طريق مكافحة الفساد.

العمل على إعتماد الإيميل بالمخاطبات الرسمية، ذلك لا يتطلب أكثر من قرار من رئيس مجلس الوزراء ولا يتطلب تخصيصات مالية اوإنتظارإكمال مشروع الحكومة الالكترونية، فأغلب المؤسسات مزودة بخدمة الإنترنت لكن لم يجرإستخدامها لغير الإعلام والإعلان عن منجزات تلك المؤسسة ورئيسها، في حين يمكن الإستفادة أكثر وبما يسرع من وتيرة المراجعات المملة سواء للمواطن أو للمؤسسات فيما بينها.

ستفرض عليك الأحزاب اشخاص شبه أميين لمناصب معينة، إذا لم يكن ممكنا رفض تعيينها في تلك المناصب، إشترط مرافقة شخص كفء ومتخصص له في تمشية أمور المنصب ومتطلباته، بعض أكبر المشاكل نتيجة وجود هؤلاء في مناصب مهمة.

أنصحك أن تعمل بجد وبوتيرة متسارعة بملف توفيرالخدمات، ولا يكون ذلك إلا عبرشرطين اساسيين هما: أن تكون التخصيصات للوزارات والمحافظات إستجابة لخطة وبرنامج عمل تفصيلي، وليس بطريقة البنود التي تخلو من معرفة كيف واين ستنفق كل مؤسسة تخصيصاتها المالية، هل تخضع مثلا إلى أولويات تأخذ بنظر الإعتبارتلبية الحاجات الضرورية للمواطن؟ والثاني أن يتم التعامل مع “الوقت” بإعتباره ثروة لا يجوز التفريط فيها كما حصل خلال السنوات السابقة، فالمواطن لم يعد مستعدا لسماع إن توفير الماء الصالح للشرب يتطلب سنوات.

إبعد قدر ما إستطعت المستشارون السابقون لرؤساء الوزارات السابقين، فأنت تعرف أفضل مني إنهم كانوا يزوقون لرئيس الوزراء قراراته ويمتدحونه بما ليس فيه، ونتيجة ذلك تراها بعينك، شعب ساخط، وطبقة سياسية متهمة بالفشل والفساد.إستعض عنهم بخبراء متخصصين بمجالات مختلفة، لا تختر بينهم سياسيين ينتمون إلى أحزاب، هذا سيكون بابا للأحزاب للتنافس على “حصة” في مكتبك، وطريقة لفرض إملاءاتهم عليك.

مكافحة الفساد ليس بإلقاء القبض على الفاسدين ومصادرة أموالهم ، كما يدعو البعض، ورغم إن هذا ضروري لكني أعتقد إن من الصعب تنفيذه مع كبار الفاسدين لأنهم أصبحوا أقوى من الدولة، لذا أقترح معالجة الثغرات الإدارية والقانونية التي أتاحت لهم إرتكابهم جرائمهم، فإيقاف الفساد أولى من إلقاء القبض على الفاسدين السابقين.

أزل قدر ما إستطعت، تضارب القوانين لأنها باب من ابواب الفساد، فالفاسد يبحث عن سند قانوني لتعطيله مشروع أو قرار ما بإنتظار حصوله على عمولته. قد تحتاج إلى مراجعة شاملة لكل القوانين والتشريعات السابقة، هذا أفضل من بقاءها وسيلة للتعطيل والإبتزاز.

هذه بعض الأفكارالسريعة وليدة معاناة مواطن يأمل بالأفضل، وهي مكملة لرسالة سابقة بعنوان “إلى رئيس الوزراء القادم.. هذه حلولنا، هل لديكم أفضل” سبق أن كتبتها ونشرت في إحدى الصحف المحلية.أخيرا أتمنى لك “الإختلاف” ففيه خلاصنا، وآمل أن تجد رسائلي آذان صاغية.

أقرأ أيضا