تشغل الانتخابات الرئاسية المزمع اجراءها في 16 حزيران يونيو المقبل في ايران، المراقبين والمحللين السياسيين، فالرئيس في هذا البلد يعتبر الرجل الثاني من حيث الصلاحيات بعد المرشد الأعلى، إذ يضطلع بدور مهم في رسم سياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وتعتبر ككل الانتخابات السابقة محطة مهمة في الحياة السياسية لإيران بعد الثورة، إلا أنها هذه المرة تأتي في ظروف استثنائية، أبرزها المفاوضات الجارية في أوروبا بشأن الملف النووي، وما يرتبط بها من وضع اقتصادي خانق بسبب العقوبات الأمريكية.
وبنظرة سريعة على المرشحين في هذه الانتخابات، فاننا نستطيع أن نفرز ثلاثة مرشحين بارزين وهم كل من إسحاق جهانكيري، علي لاريجاني، وإبراهيم رئيسي.
وبما أن الجو السياسي العام في ايران ينقسم إلى خطين رئيسين، هما الإصلاحي والمحافظ، فيعتبر “إسحاق جهانكيري” من الوجوه الاصلاحية، باعتباره أحد معاوني الرئيس الحالي حسن روحاني، وما يعضد هذا التوجه هو الأنباء التي تشير الى قرب حصوله على دعم من الرئيس “الاصلاحي” السابق محمد خاتمي والمرشح السابق المحتجز في منزله مهدي كروبي، لكن طريقه لن يكون مفروشا بالورود، كونه يواجه تحديا كبيرا، بسبب وجوده ضمن كابينة الرئيس الحالي حسن روحاني، والذي يواجه استياء شعبيا بسبب الأوضاع المعيشية السيئة التي يمر بها المواطن الإيراني.
يأتي ذلك في ظل تورطه بتصريحات باتت محل سخرية المواطن الإيراني حول سعر صرف الدولار امام التومان الإيراني وتطمينات فارغة للمواطنين الذين واجهوا ارتفاعا خياليا في سعر الدولار أمام العملة المحلية بكثير من السخط، وهذا ما سيجعل منه ورقة إصلاحية محروقة.
أما المرشح علي لاريجاني، المولود في مدينة النجف الاشرف وأحد الاخوة المتنفذين في ايران، من أبناء الميرزا هاشم الآملي، حيث يشغل أحد أخوته منصب رئيس مجلس القضاء الإيراني، فيما يشغل الآخر منصب المستشار السياسي للمرشد الأعلى.
إن المرشح لاريجاني يمتلك في سيرته الذاتية شغل مناصب كبيرة بينها رئاسة البرلمان الإيراني، وقبل ذلك منصب الأمين العام لمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ومسؤول المفاوضات النووية الإيرانية، لكن الدكتور المتخصص في الفلسفة الغربية يفتقر الى عامل مهم للنجاح في هذه المعركة الانتخابية، وهو دعم احد الاتجاهين السياسيين الإصلاحي أو المحافظ.
فيما يعتبر إبراهيم رئيسي، الوجه الصاعد بقوة في أروقة القرار والحكم الإيراني، وهو المرشح المدعوم من قبل المحافظين، ويشغل حاليا منصب رئيس مجلس القضاء الإيراني الحالي، وهو الأقرب للمرشد الأعلي السيد علي الخامنئي وهذا يعني الكثير من الدعم العلني والخفي له.
في النهاية نستطيع القول بأن جهانكيري القادم من جبهة الإصلاح التي خسرت في سنوات روحاني الأربع الماضية أغلب تعاطف جمهورها، وعلي لاريجاني الفاقد لدعم أحد التوجهين السياسيين الفاعلين في البلاد، سوف تمنح الفرصة الأكبر أمام رئيسي المدعوم من قبل أقوى الجهات الفاعلة في ايران وهما المرشد الأعلى والحرس الثوري، في ظل كونه الأكثر حظا لخلافة المرشد شريطة أن لا يخسر في انتخابات الرئاسة والا فان ذلك سيضعه أمام إحراج كبير.
يجري ذلك وسط عزوف شبه مؤكد من قبل الناخب الايراني بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها، وبحسب استطلاعات الرأي المتعددة التي أظهرتها وسائل اعلام ايرانية، وهو ما سيوجه رسالة بالغة الأهمية الى كل الأطراف الحاكمة في البلاد، بضرورة مراجعة سياساتها المرهقة للشعب.