صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

من وجوه التطبيع والرأي المخالف: عبدالحميد الغبين أنموذجا

بعد ان اهتزت مرتكزات الاخلاق والقيم السماوية في قلوبهم، وخفقت الوية التطبيع مع العدو الصهيوني فوق رؤوس اصحابها، ومن بعد آثروا ان ترفع فوق اراضيهم لتهتز برياح النحس والغربان النواعب، بديلة عن الرايات المضيئة برموز العزّ والبطولة والامجاد المرتبطة بالقيم الإنسانية والتراث الإسلامي المجيد.

بدأت رؤوس اخرى تتهيأ بنزعة الكره والحقد المرتبط والمتزايد بفكرة الخروج عن عقلانية المواقف المبدئية السائدة في المجتمع العربي، وخاصة المتمحورة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي- الصهيوني، برأي مخالف لغاية فردانية يرون بها ان تحديث تلك المواقف بشكل يتيح الى تأسيس نموذج حكم براغماتي جديد خاضع تحت سلطة مهيمنة كبرى كالولايات المتحدة الامريكية بتبريرات وبراهين لا ترتبط بالقيم السماوية، 

يمكن أن يحقق لهم هذا النموذج من الحكم، تقدما في المعارف العلمية كالتي وصل اليها الغرب من قبل عندما خرج عن مبادئ الديانة المسيحية الى الماسونية – الصهيونية وخاض في عالم المرفوضات بلا لجام اخلاقي، فأسسوا به نواة الذات المستقلة عن مفاهيم تلك المبادئ.

ومن امثلة تلك المرفوضات التي تبنتها المسيحية – الصهيونية هي فكرة الكولونالية ( الاستعمار)، وسياسة خنق الشعوب بالحصار وبناء الترسانات العسكرية الموجهة ضد البشرية، والعنصرية، والمثلية، والجندرية..الخ.

والنموذج البراغماتي التجريبي الجديد الذي تسعى الى تحقيقه رؤوس التطبيع المحسوبة على العرب مع العدو، يندرج ضمن استمرارية الرأي المخالف الذي جاءت به الحركات الدينية المختلفة في حقبة القرن الثالث الهجري، وابرزها حركة القرامطة وما شابهها بالرأي المخالف التي اسست الى تعقّب الصورة العينية الرائدة التي جاء بها الخليفة الرائد بالفساد يزيد بن معاوية ورضخ لها قادته في حربه ضد الامام الحسين عليه السلام، بشاهدة شعرية قالها: 

لست من خندف ان لم انتقم.. من بني احمد ما كان فعل 

وعند مقتل الإمام قال: 

نعب الغراب فقلت صح او لاتصح.. لقد قضيت من الغريم ديوني

بهذه الابيات الرائدة بالمروق عن العقيدة الاسلامية، قامت تلك الحركات بشن الهجمات على المسلمين في ارجاء الجزيرة العربية، بغطاء ديني ظاهري على العكس تماما من الباطن الملحد الذي تبنوه، وهذا التعقّب والحب الحالي لتلك الحركات لتقليدها من لدن تلك الرؤوس الداعية للتطبيع مع الصهاينة من حيث الباطن، ليس سوى مناداة لإستمرارية منهج الرأي المخالف الذي قادها، 

وتبناه قادة يزيد ومن معهم بعدما كانوا قبل واقعة الطف يحاربون الى جانب الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام، إلا انهم انشقوا عنه وخرجوا بتبريرات من اجل مكتسبات ذاتية على الرغم من معرفتهم السابقة بفساد خليفتهم، لأنهم وجدوا بالتحارب ضد الإمام الحسين عليه السلام، تحقيق كل مرفوض بالعقل والمنطق الذي جاء به الرسول الكريم، والذي ذكرهم به الإمام الحسين وهو في غبار المعركة.

من هذه الرؤوس الجديدة التي بدأت تتهيأ للمروق المنطلق من مروق يزيد ومن تعقّب تلك الحركات المخالفة، الإعلامي الحجازي المولد عبد الحميد الغبين، الذي تبنى مزاعم كثيرة رأى انها ستتحقق من التطبيع مع العدو الصهيوني، ومن بينها سخائه في كيل الإتهامات للقوى الفلسطينية على انها فاسدة ولاتريد حلا للقضية، واتهامات اخرى لإيران الإسلامية بأنها العدو المشترك لمملكة الحجاز والصهاينة، فضلا عن تأييده واحتفاله لانضمام الجولان المحتل الى العدو..الخ.

مع العلم انه لا يمتلك الجنسية الحجازية، ولم يخوّله احد على فعل ذلك، بل هو مطرود من المملكة، لأنه مجهول الاصل ومن قبائل نازحة ولا يمثل المملكة باي حال من الاحوال، ولأنه جبان ويفتقر للأمانة في الجدل، فقد اصبح بمثابة الرجل القش امام الملأ والاعلام ومثال للزلل والمغالطة واستمالة العدو الصهيوني من اجل ملاذ يأويه في نهاية المطاف الموعود.

ولكن هذا المشرّد الفاشل الذي يقول عن نفسه: “ياوطني لم يعد لي اماني ولا احلام، فقد كبرت وانا اتوسد دموعي على ارصفة التشرّد!” قد تمادى بالشطط عندما تذرّع بالمغالطات مستغلا الصهاينة لتصديقه، وادرك مخطئا ان الفلسطينيين فشلوا في ادارة قضيتهم، منطلقا من فشله في تحقيق مواطنته من ناحية، ومستغلا دمج هذه المبررات كطريق مختصر ليتحرر من قيود المبادئ والاخلاق لينسلخ واقعه الى واقع جديد معدل بالتجريب، وزاخرا ومفعما بالتناقضات المتوارثة والدعوة الى ايقاظ الغرائز التي ارقدتها القيود الاخلاقية لتمارس طباعها وامزجتها العلمانية الملحدة كيفما تشاء من ناحية اخرى.

مع ان هذه الأفكار ولدت من سلوك وطبيعة يزيد بن معاوية الفردانية المارقة التي وضعها فوق الدين والأخلاق العربية، أما الرؤوس السابقة التي دعت الى التطبيع ومعها النخب الحاكمة التي رفعت رايات التطبيع فوق اراضيها، فليست إلا من ذوي القربى لأفكار يزيد وافكار الحركات المغالية والمتطرفة الغابرة.

ولا عجب من نهاية يزيد المعروفة الذي تنبأ بها بقوله “نعب الغراب..”، وجميع تلك الحركات بسبب مرجعيتها الى تلك الرايات التي اهتزت برياح النعيب والنحس وبسبب فردانية الغاية المرتبطة بالارتجال والمروق عن العقائد السماوية والمنطق الذي جاءت به الاديان الثلاثة.

ولا عجب، أيضا، من نهاية اصحاب التطبيع السابقين الذين اجتمعت بهم سجايا السفاهة بالرأي والتفكير، واللاحقين من امثال المشرّد عبد الحميد الغبين، الذي يلوح به بمبررات اولها يغيض اصحاب منهج مقاومة العدو الذين وجدوا فيه الميل الى الصهيونية وخاصة من نخبة داخل المملكة.

بسبب عدم وقوفهم معه والاهتمام به في محنة تشرده لإثبات هويته الشخصية الحجازية، وآخرها مبررات تسفّه قيم الدين الحنيف لتغيير سلوك الشعب للدخول في منهج الرأي المخالف لمنهج مقاومة المحتل الصهيوني، وهو المنهج الذي يحقق عودة فلسطين والأقصى الى حضن العرب ثانية. 

أقرأ أيضا