داخل كل هذا الخراب الاقتصادي المتعمد بالعراق.. فما زلنا قادرين على طرح بدائل -حتى وإنْ كانت بسيطة- يمكن لها أن تساهم بإنعاش قطاعات محددة من هذا الاقتصاد الريعي المنهار. ومن هذه البدائل المهمة هو خلق تشاركية قطاعية قطاعات المصانع والأسواق- ولنا أيضا أن نطلق على هذه البدائل عنوان؛ الجمعيات -الصناعية والتجارية- التعاونية.
وهي تشاركيات أو تعاونيات تقوم على الاتفاق بين مجموعات الأيادي العاملة وبين الدولة، وتتم فيها المشاركة بحصص ربحية يُتفق عليها مسبقا على الحصص النهائية المتأتية من الأرباح الصافية لمصانع الدولة -المعطلة اليوم عن عمد- وكذلك مع رواتب معلومة تخرج جراء حركة المصانع الانتاجية أو المنشآت التجارية، لكن كل هذا النشاط يحتاج إلى نقابات واتحادات نشيطة وذكية، نقابات قادرة على خلق حركة عمالية ضاغطة باتجاه جعل الدولة مجبورة بأن تتحرك نحو حماية صناعاتها وكذلك على المساعدة في تطويرها، وليس كما هو حال الدولة اليوم، والقائم على عقلية فتح السوق العراقي للمنتج الخارجي بلا شروط وبلا ضوابط، مما أنتج بعدها، ضعفا اقتصاديا، وجيشا من العاملين المتروكين بلا شغل في المصانع المتوقفة منذ سقوط نظام البعث. وهذا كله، يكرر وباستمرار، استنزاف ميزانية الدولة العراقية، وبدون أي مردود انتاجي أو خطط واعية، لإعادة هذه المصانع المتوقفة إلى عملها وانتاجيتها.
ويبقى هذا التدمير الاقتصادي بالعراق تدميرا ممنهجا، تدمير ينتظر لحظته التاريخية لتمرير الانقضاض على كل هذه المصانع وخصخصتها لجيوب معلومة ومتفق بينها مسبقا. إن هذا التدمير لن يتراجع أو يضمحل من دون انبثاق حركة عمالية نشيطة تعمل على تفعيل دور النقابات والاتحادات العمالية والمهنية. حركة عمالية ومهنية رشيدة، عندها القدرة على المواجهة وطرح رؤيتها الفكرية والتنظيمية، لإنتشال المصانع العراقية الكبيرة والكثيرة، والمعطلة عن عمد من قبل متحاصصي الدولة العراقية.
لكن من أين تأتي الحركة النقابية التارخية؟. ونقاباتنا المهنية والعمالية اليوم هي بأغلبها نقابات باهتة وتابعة لأحزاب ربحية وتجارية!!.