صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

نعيب الغراب بعد اتفاق حزب الله مع داعش!

  جدل واسع أحدثه الاتفاق الذي عقده حزب الله مع داعش لنقل 310 ارهابيين من المهزومين والمنكسرين والمحاصرين لأسابيع، القسم الأكبر منهم بين جريح ومريض ومنهار، وهذا ما أثار ردود فعل غريبة ومستهجنة، خصوصا من الحكومة العراقية وبعض السياسين الذين رفضوا الاتفاق قبل معرفة تفاصيله!!؛ بل وصل الامر الى التشكيك بمصداقية حزب الله وقيادته، زعما بأن هذا الاتفاق سيلحق الضرر بمصالح العراق، رغم ان الامر يخص الوضع السوري الداخلي، وفيه العديد من التفاصيل والحيثيات سنأتي على ذكرها لاحقا.  

ولست هنا بصدد الدفاع عن حزب الله وقيادته، فهم غير محتاجين لدفاعي، فتاريخهم وتضحياتهم وانتصاراتهم اكبر من أي دفاع أو موقف؛ بل لتوضيح حقائق مهمة للتاريخ عن بعض المتصيدين في المياه الآسنة والمتسلقين الذين لا يفكرون الا بخدمة مصالحهم الدنيوية، وأسيادهم الأمريكان، فيما العراق آخر همهم واهتمامهم! وهم من بنوا أمجادهم الواهنة من دماء ابنائنا، الذين زجوا بهم في محرقة الحرب مع داعش دون الالتفات الى تدريبهم أو جهوزيتهم أو صغر أعمارهم؛ بل ويتفاخرون بكثرة الشهداء من اعضاء تنظيماتهم!  

وهنا لابد من توضيح بعض النقاط الهامة: أولا: ان الاتفاق يخص الحرب في سوريا ويقضي بنقل مسلحين من منطقة إلى اخرى من اجل إدارة المعركة وحسب الظروف الميدانية التي تفرضها ساحة القتال.  

ثانيا: إن المنطقة التي نقل اليها المسلحون هي “دير الزُّور” وليس “البوكمال” كما زعم البعض، وتبعد 200 كيلومتر تقريبا عن الحدود العراقية، وهي منطقة تخضع لسيطرة داعش منذ سنوات!  

ثالثا: لكل معركة ظروفها وحيثياتها فما يجري في العراق يختلف عما يجري في سوريا، وجبهة المواجهة كذلك تختلف، والإدارة العسكرية الميدانية هي من تقرر اي الامور تصلح للتفاوض أو للقتال.  

رابعا: من البديهي بعد تحرير الموصل، ومن ابسط متطلبات تأمين الانتصار، هو ضبط الحدود العراقية السورية، التي كانت بوابة لعبور عناصر داعش للعراق واحتلال الموصل وغيرها. وهنا نتساءل: لماذا كل هذا التخوف العراقي من الاتفاق إذا ما علمنا ان عدد الارهابين 310 عنصر.. في حين ان عدد مقاتلي الحشد الشعبي يصل قرابة 140 الف مقاتل اغلبهم متواجد على الحدود العراقية السورية ، يضاف لهم قوات الجيش والشرطة الاتحادية وقوات الحدود ومكافحة الإرهاب وغيرهم؟!  

خامسا: ان التصعيد الاعلامي الاخير تجاه حزب الله لا يخلو من أمرين:  

الاول: هو قرب الانتخابات ومحاولة البعض لَبْس رداء الوطنية ودغدغة  مشاعر المواطن العراقي من خلال العزف على وتر التضحيات والشهداء ومصالح العراق العليا، وهم أبعد ما يكون عنها. والثاني: إرضاء “السيد الامريكي”، ومحاولة النأي بالنفس عن محور المقاومة خصوصا مع ظهور ملامح المشروع الامريكي القادم، وتشكيل تحالفات اقليمية من شأنها رسم خارطة جديده للمنطقة، والعراق تحديدا. وهؤلاء أفصحوا، وبشكل قاطع، عن استعدادهم لأن يكونوا أدوات بيد الولايات المتحدة راعية الإرهاب وداعمة الحروب والفتن في العراق والمنطقة.  

سادسا: ان العديد من الاتفاقيات تمت من قبل الولايات المتحدة وحلفائها كالكرد، مع داعش، ولم نر لهذه الردود الغاضبة والانفعالية أثرا!! والكل يعلم كيف يتم تهريب قيادات وعناصر داعش عن طريق كردستان! بل ان البعض كان يشيد، والاخر يصمت ، دون أن ينبس ببنت شفة!  

سابعا: يبدو أن “البعض” تناسى ما قدمه حزب الله من تضحيات كبيرة واستشهاد خيرة قياديه على ارض العراق، حيث امتزج دمهم الطاهر مع تربة هذا الوطن؛ بل كان الحزب، السبّاق، في الدعم والحضور، منذ بداية المعركة مع داعش، على الرغم من انشغاله بمعركة اخرى في سوريا.  

ثامنا: هل بإمكان الحكومة العراقية ان تخبرنا أين ذهب آلاف المسلحين من عناصر داعش الذين كانوا يمسكون عدة محافظات، ولم نر منهم الا جثث عشرات القتلى وعشرات الأسرى فقط ، بينما تبخرت هذه العناصر ولم يعد لها اثر!   ختاماً أقول: أن أفضل رد هو ما حصل في دير الزُّور من عملية نوعية قام بها حزب الله والجيش السوري وحلفاؤه، للرد على تخرّصات وتشكيك البعض، وفضح مواقفهم المخزية تجاه حزب الله بكل تاريخه المشرف الذي لم نر له مثیلاً في تاريخنا المعاصر، ولو صبر القاتل على المقتول لمات لوحده!   ومقدماً: شكراً لكل من سيقوم بالسبّ والشتم، ولي أسوة بحديث أمير المؤمنين عليه السلام: الناس على ثلاث أصناف، احدهم ينعق مع كل ناعق..

وللحديث بقية…

أقرأ أيضا