صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل سبق لأوبئة الإنفلونزا التفشي بالعراق والمنطقة؟

يرجع استخدام كلمة إنفلونزا إلى الاوربين في عام 1650، والكلمة مشتقة من اللاتينية (influence) والتي تعني (التأثير). ويرجع تاريخ أول أوبئة الإنفلونزا في العالم الى عام 1580،حيث بدأت في أسيا ثم إنتقلت الى أوربا وأمريكا الشمالية عن طريق التجار.

من الملاحظ أن معظم جائحات أو أوبئة الإنفلونزا كان مصدرها آسيا ثم تنتشر فيما بعد إلى أوربا وأمريكا، وأهمها الإنفلونزا الإسبانية الشهيرة التي أكدت الدراسات لاحقاً أن أصلها الصين، وإنفلونزا covid19 التي يشهد العالم حالياً أنتشارها ومصدرها كما هو معلوم الصين.

بالعودة إلى تاريخ أوبئة الإنفلونزا في العالم، نجد أن هذه الأوبئة ظهرت بفترات غير بعيدة عن بعضها البعض،حيث بلغت الفترة الفاصلة بين الأوبئة إلى10سنين أوأقل، وانتشرت في مناطق معينة من العالم، ولم تذكر المصادر التاريخية وجودها في أماكن أخرى من العالم، أهم تلك الأوبئة والقريبة نسبياً الى عصرنا والأكثر تفشياً عالمياً، يأتي وباء الانفلونزا الاسبانية 1918- 1919والذي يبعد عن أقرب وباء للإنفلونزا 30 عاماً وهي الانفلونزا الروسية التي ظهرت في عام -1890-1889.

وقعت معظم الاصابات والوفيات لهذه الاوبئة في أوربا وأمريكا والصين والهند، ولم تذكر المصادر التاريخية بوجود تأثير لمثل هذه الأوبئة على مناطق الشرق الأوسط التي من ضمنها العراق.

وأن هذه الأوبئة غالباً ماكانت تستمر لمدة عام تقريباً وينتهي تأثيرهاوتصبح في حكم المنتهية، ومن الأمثلة على ذلك استمرت الإنفلونزا الروسية عام كامل تقريبا1889-1890ً، ومن ثم الاسبانية التي بدأت متوسطة الحدة في ربيع 1918 وازدادت خطورتها في نهاية الصيف وافلت في ربيع عام 1919،وكذلك الحال لبقية الاوبئة الفايروسية اللاحقة لهما.

سأتطرق وأذكرالأوبئة التي اجتاحت مناطق الشرق الأوسط والأوبئة التي اجتاحت أوربا وأمريكا وأسيا وأقارن فيما بينها، لكن قبل ذلك سأشير إلى بعض الحقائق التي تدعونا إلى الاهتمام والتوقف عندها.

– أول ما يمكن ملاحظته أن معظم الأوبئة ألتي اجتاحت العراق والشرق الأوسط منذ القرن السادس عشر لغاية الآن كانت عبارة عن أوبئة من نوع معين مثل الطاعون والكوليرا والتي غالباً ما يكون سبب ظهورها “البكتريا” وليس “الفيروس”.

– الأوبئة الخطيرة غالباً ما تظهر في اوربا والصين وامريكا الشمالية ومن أمثلتها الإنفلونزا الاسبانية عام 1918-1919.

– لم تذكر أو تتحدث المصادر التاريخية عن أي تزامن أو تقارب في تواريخ الأوبئة التي ظهرت في مناطقنا وأوبئة الانفلونزا الشهيرة التي ضربت العالم، مثلاً لم نسمع عن اي تأثيرلجائحة 1918 في مناطق الشرق الأوسط.

لتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع، سنذكر أهم تلك الأوبئة التي أصابت مناطقنا والتي ذكرتها المصادر التاريخية وهي كالآتي:

1- موجة الأوبئة التي اجتاحت العراق في القرن السادس عشر اعوام (1619، 1635، 1638) وكان ذلك في زمن الدولة العثمانية.

2- ظهور الطاعون في القرن الثامن عشر في الاعوام (1718، 1735، 1738) في بغداد والموصل والنجف وكان مصدره ايران، وكان العراق تحت حكم الدولة العثمانية والدولة الصفوية.

3- وظهور الطاعون في القرن التاسع عشر في بغداد والنجف والموصل في أعوام: (1801،1804،1830) وكان اشد فتكاً بالناس خلال عام 1830، وكان ذلك في زمن الدولة العثمانية.

4- وظهوره ايضاً في القرن العشرين في اعوام (1916،1917) وفتك بالموصل بحصيلة عشرة الاف وفاة، وكان هذا الوباء في زمن بداية الاحتلال البريطاني للعراق.

بالمقابل سنذكرتسلسل تواريخ أوبئة الإنفلونزا العالمية وأماكن إنتشارها،وهي كالآتي:

1- أولى أوبئة الانفلونزا ظهرت في القرن السادس عشر عام 1580 واستمرتأثيرها لعشرات السنين من القرن السابع عشر، وأول ما ظهرت في آسيا ثم انتشرت في دول اوربا وامريكا الشمالية، ومما يذكر أنها أدت إلى حجر منزلي طويل للناس،حيث دعت جامعة كامبرج في وقتها طلبتها الى التزام البيت وكان الحجر إحدى أسباب اكتشاف إسحاق نيوتن لقانون الجاذبية عندما كان جالساً في بستانه وشاهد سقوط التفاحة، وكان الحَجِر أيضاً أحد العوامل المساعدة التي دعت وليم شكسبير الى كتابة سوناتاته ومسرحياته الشعرية.

2- لا تذكر كتب التاريخ كثيراً عن الانفلونزا في القرن الثامن عشر، لكنها تذكر الانفلونزا الروسية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر عام 1989-1990.

3- الجائحة الإسبانية ألتي ظهرت في ربيع عام 1918 وانتهت في ربيع عام 1919، وشملت دول اوربا وامريكا والصين والهند.

4- الانفلونزا الاسيوية ظهرت في شباط عام 1957- 1958 في الصين.

5- إنفلونزا هونغ كونغ عام 1968- 1969، وانتشرت في دول العالم وبلغت إصاباتها من 1- 4مليون، وكانت اكثر خطراً، لكن مما ساعد في التقليل من خطورتها أنها ظهرت بعد عشر سنوات من الانفلونزا الاسيوية.

6- المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (2002 – 2003) SARS، أصبح المرض المتفشي الذي نشأ في مقاطعة غوانغدونغ الصينية وباءً عالمياً، انتشر سريعاً إلى 26 دولة، وأصاب أكثر من 8000 شخص وقتل 774 منهم.

7- انفلونزا الخنازير (2009-2010)، ظهرت عام 2009 وأصابت أكثر من 60 مليون شخص في الولايات المتحدة وبلغت وفياتها أكثر من 150 الف وفاة، ويطلق على الفيروس إسم إنفلونزا الخنازير لأنه إنتقل من الخنازير إلى البشر.

8- جائحة covid19 ظهرت في شهر كانون الاول عام 2019، ومازالت تضرب العالم بقوة.

من خلال المقارنة بين الأوبئة التي ظهرت في منطقة الشرق الأوسط والأوبئة التي ظهرت في أوربا والصين وأمريكا الشمالية، تظهر لنا مجموعة أسئلة مهمة تحتاج إلى أجوبة من قبل خبراء الوقاية من الامراض المعدية أوربما من علماء الإجتماع وعلم النفس.

أهم تلك الأسئلة:

1- ماذا لم تذكر المصادر التاريخية أية أرقام أو بيانات أو تقارير عن ظهور الأوبئة الفيروسية في مناطق الشرق الاوسط خلال القرون الثلاثة الماضية؟

2- لماذا يعتبر تأثير الفيروس الحالي على مناطق الشرق الاوسط بألتأثيرالمتواضع؟

3- هل يعتبر COVID19 هذا كأول ظهور لوباء فيروسي في مناطق الشرق الأوسط؟

4- هل يعود سبب ظهور تاثير أوبئة الفيروسات في مناطق الشرق الأوسط الى التقارب الاجتماعي بين مجتمعات العالم الحديث، المتمثل بالانتقال السهل بين دول العالم المختلفة بواسطة الطائرات ووسائط النقل الأخرى؟

asa.iraq28@yahoo.com

أقرأ أيضا