صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل كانت “النخبة” نخبة؟

أعرف تماماً باني كرّرت كثيراً الكتابة عن التعاطي الاعلامي والثقافي من الاستفتاء اكثر من الكتابة عن الاستفتاء نفسه، لكنّ ذلك ربّما يعود لكوني ممن يؤمن بانه من دون نخبة صانعة للرأي تحتفظ بمسافة جيدة من الجميع ولا تخضع لردود الفعل والحسابات السياسية، لن تقوم لنا قائمة في بلد يُسيّس فيه كلّ شيء، بمعنى آخر انّ العراق بوضعه منذ 2003 ربما اكثر بلدان المنطقة والعالم حاجة لما يسميها احد اساتذتنا “مثالية المثقف”.

أزمة الاستفتاء اثبتت هذه الحاجة وأثبتت ذات الغصة التي كانت تحصل مع كلّ أزمة نعيشها، لكنها هذه المرة كانت كبيرة؛ لأنّ الاختبار كان كبيراً، فهو يتعلق بالخارطة!

فاذا استثنينا مواقف “جيدة جدا” صدرت سواء في السوشال ميديا او مكان آخر، فان أيّ مراجعة منصفة موضوعية لمجمل الموقف النخبوي ستخرج بنتيجة مؤسفة ومدعاة للحزن

تداعيات الازمة عززت الفكرة القائلة: إن غالبية النخب الثقافية والاعلامية تتحرك ضمن لعبة المال والسياسة، ورغم انها تتمظهر عكس ذلك لكنّ كلّ المناسبات تؤكد ان هذه الغالبية حريصة كأيّ كتلة سياسية على مصالحها!

ولا ادري كيف يمكن الوثوق مستقبلا برأي من لم يتمكن من الافصاح عن موقفه في قضية وطنية كهذه؟، بسبب مكانه او مصلحة معينة؟

لا ندري كيف يمكن ان يُعوّل لاحقاً على هذا النموذج ليَرصدَ ويكتب عن مشاكل اخرى وهو صمت على كلّ هذه الفظائع،  صمت على كلّ انواع الخروقات والتمرد؟!

ولا ندري أن كان سيشتكي النموذج (النخبوي) هذا فيما لو جرى التشكيك بدوافعه في مناسبات اخرى؟! وهو اذا عاد، مثلا، وتحدّث بموقفٍ “قويّ” بقضايا ربما اصغر، سيكون كسياسي ، يمتلك جنسية كويتية سكت في ازمة العراق والكويت وعاد ليوزع “الحِكَم” في مسائل ثانية! او سعودي يطالب العراقيين بالديمقراطية! او ايراني يفرض على بغداد مقاطعة بلد مازال يحتفظ معه بعلاقة جيدة!

نعرف تماماً أنّ كثيراً ممن نقصدهم بوصف “النخبة الاعلامية والثقافية” سيستنسخ تجربة السياسي عندما يواجه نقداً ما، فإمّا أن يلجأ الى اعتبار من ينقده بانه يستهدفه شخصياً او يحاول القول: هذا يكتب ضدي لأنه ينتمي لـ”جبهة معادية”!.

لكن بصرف النظر عن الذي سيقولونه فان نتيجة الاختبار الكبير هذا تقول: إنّ ازمة الموقف الثقافي والاعلامي باقية وتتمدّد وهي مع المشكلات الرئيسة الأخرى تُسهم بصنع كلّ هذا الخراب، وهي من الاشياء التي تتسبب بتمادي الفساد والفوضى السياسية لا العكس!

أقرأ أيضا