يطرح الكثيرون السؤال البديهي: ماذا وراء هجوم اربيل؟ وما هي أبعاده، هل هي أمنية وسياسية فقط، أم في الخلفية هناك البعد الاقتصادي؟
ربما لا أحد يملك الى الآن اجابة جازمة ودقيقة، لكن بعد يومين من البيانات الصادرة من جهات مختلفة وعشرات التصريحات والتسريبات، مازلت أرجح ماكتبته بعد ساعات قليلة من الهجوم، إن له أبعادا مختلفة ويحمل عدة رسائل (أمنية، سياسية واقتصادية).
في الغالب الرسائل التي حملها الهجوم غير المسبوق من حيث شكله وحجمه وتأثيره، موجهة الى اقليم كردستان كما الى العراق بل والمنطقة وليس لإسرائيل، فضرب مركز اسرائيلي مجرد حجة خاصة ان أذرع تلك الدولة موجودة بقوة على الحدود الشمالية لايران حيث عززت علاقتها الامنية ونفوذها العسكري في اذربيجان، ومدت وجودها في الامارات والبحرين، كما ان اسرائيل على بعد بضع كيلومترات من الجماعات الموالية لايران في سوريا، وأينما حللت في المحيط العربي والاقليمي هناك وجود اسرائيلي كشركات وأفراد.
اذن هي رسائل تهديد موجهة باستخدام وسيلة ارهابية علنية عنيفة، بصواريخ باليستية، وفي منطقة مهمة في عاصمة الاقليم ومركز القرار السياسي والاقتصادي فيها. هجوم مباشر وكبير وليس حركة استعراضية، أرادت من خلاله طهران أن تقول في المقام الأول: نحن هنا وسنضرب المكان الذي نريد وفي الزمن الذي نريد، وعلى الجميع ان يعلم ان أمريكا لن تحرك ساكنا وانها ستكتفي ببيانات استنكار وابداء قلق، فلديها حروب ومشاغل أهم تخوض فيها.
ومن طبيعة الموقع المستهدف، يغلب الترجيح ان الهجوم حمل رسالة الى الديمقراطي تتعلق بسياساته الاقتصادية فضلا عن تحالفاته الداخلية، وان ايران غير راضية عن سيطرة تركيا على قطاع النفط الكردي وتسويقه، كما هي غير راضية عن تفرد طرف شيعي بالقرار العراقي.
وصار من شبه المؤكد ان ايران استهدفت ذلك المكان تحديدا وليس القنصلية الأمريكية القريبة (ايران الرسمية ذكرت انها لم تستهدف لا امريكا ولا العراق في هجومها، والامريكون قالوا ان الهجوم لم يستهدفهم، وسكتت اسرائيل عن الهجوم) وان وراء الأمر رسائل تذكير بالقبضة الايرانية الصارمة على ساحة تعدها طهران منطقة نفوذ محسومة، اضافة الى الرسالة الاقتصادية، فمجموعة “كار” الذي استهدف منزل صاحبها، تسيطر على قطاع النفط في اقليم كردستان وهي من تقوم بمد انبوب غاز كردستان الى الحدود التركية، وتأمل ان تصدر غاز الاقليم الى تركيا وهذا يتعارض مع المصالح الايرانية.
رسائل ايران النارية، ردت عليها حكومة الاقليم والحكومة العراقية، برسائل عتب وقلق وانتقاد في أفضل الأحوال، في حين قالت امريكا:”نحن شعلينا الأمر لا يتعلق بنا”، وطبعا اسرائيل بعيدة عن كل تلك الحسابات فهي تتمدد في الخليج وعلى حدود ايران الشمالية وترتب اوضاعها مع تركيا، كما تضرب بشكل مستمر الأهداف الايرانية في سوريا وبكل يسر وبتغطية روسية واضحة.
سامان نوح