صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل وقع وزير النقل الجديد فريسة لمافياتها؟

يعاني العراق من تغلغل مافيات الفساد في دوائر ومفاصل الدولة دون أمل قريب بالخلاص منها، رغم كل التصريحات التي يطلقها كبار المسؤولين لمكافحته، ومع كل فرصة بتولي وزير جديد مسؤولية وزارة ما، فانه سرعان ما يقع فريسة المافيات الفاعلة فيها، والخضوع لآلياتهم القديمة التي تمنعه من إيجاد التغيير المطلوب.

إن التوجيه الذي أطلقه وزير النقل عبد الله لعيبي، قبل أيام، بنقل مسافري الخطوط الجوية العراقية من ساحة عباس بن فرناس وإلى صالات مطار بغداد الدولي مجانا، هو كلام نزاهة يراد به فساد، فهو في ظاهره إعفاء للمواطنين من أعباء مالية إضافية، لكنه في حقيقته تلميع لصورة الشركة الفاسدة (تاكسي بغداد) التي ما فتأت تحلب جيوب المسافرين ذهابا وايابا، وإعادة تسويق لها لتثبيت عقدها الذي أثيرت حوله شبهات عديدة في الحكومات السابقة، ويمكن التعليق على هذا الإجراء بالنقاط التالية:

أولا: إن المكرمة “السخية جدا”، تشمل مسافري الخطوط الجوية العراقية فقط، وعددهم قياسا بمسافري الشركات الأخرى لا يصل الى ربع العدد الكلي حتى، وهذا لا يحل أصل القضية التي يشتكي منها آلاف المسافرين، كما انها خطوة مشابهة للتي انخذها وزير أسبق، ومن ثم فشلت بسبب التأخير الذي يعاني منه مسافرو (العراقية) القليلون نسبيا ممن لا يمكنهم ملء مقاعد سيارة واحدة حتى، الا خلال وقت طويل من الانتظار.

ثانيا: الخطوة بحد ذاتها تعزيز للفساد المقيم في المطار بذريعة الحفاظ على أمنه، فمنع المسافر من الدخول بالسيارة التي تقله الى بوابة “الكاونترات”، وفرض استخدامه سيارات “تاكسي بغداد” بأجور عالية، أمر لا يعني سوى الابتزاز، لأن حفظ أمن المطار مسؤولية الدولة وليس المواطن!! فلماذا يتحمل المواطن دفع هذه الكلفة؟

ثالثا: المبلغ الذي يدفعه المسافر مبالغ فيه جدا (20 ألف دينار ذهابا وإيابا)، يعني على صاحب العائلة المكونة من (5 الى 6 أشخاص) دفع أكثر من 100 ألف دينار من أجل قطع مسافة قصيرة!! ولو كانت وزارة النقل حريصة على أمن المطار فقط، دون هدف اخر وهو ابتزاز المواطن، لتحملت هي الأعباء المادية أو لحملت المواطن أجورا رمزية (500 أو 1000 دينار) فقط.

رابعا: إعلان الشركة الثلاثاء الماضي، عن تخفيض أسعارها، وامتلاكها سائقين يتحدثون الانكليزية في بلد لا يقل عدد مسافريه المحليين عن 90 بالمئة، ولم يتحول الى بيئة جاذبة للمسافرين الأجانب، انما هو محاولة بائسة لاعادة تسويق الشركة، واقناع الوزير الجديد بجدواها.

يبدو أن وزير النقل الجديد (التكنوقراط)، لو أحسنا به الظن طبعا، قد وقع ضحية استشارات فاسدة من قبل مافيات الوزارة التي تصر على استمرار عمل هذه الشركة الوحيدة من نوعها في العالم.

أقرأ أيضا