صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

ورقة بغداد تبحث عمن يوصلها إلى لندن

أمس مررت ببناية مهجورة كانت مقرا لجريدة الجمهورية يوما ما في بغداد فسمعت أصواتا تتعالى منها.

ترجلت عن سيارتي صوب باب البناية المهجور هو الآخر للتأكد من صحة ما أسمع من أصوات فتأكد لي صدق ما سمعت.

بقيت مترددا بين اقتحام البناية التي كنت أدخلها بوساطة من بعض كتابها الذين صاروا أصدقائي.

العجوز الذي يجلس على كرسي متهالك أمام بسطية السجائر التي يبيعها للمارة وأصحاب السيارات صاح بي بصوت مبحوح.

لماذا تقف هناك أيها الغريب؟

مشيت إليه بخطى خجولة لعدم امتلاكي جوابا لسؤاله.

ألقيت عليه تحية مبالغ فيها وسألته عن صحته ووضعه بجملة طويلة تحاشيا لغضبه.

بخبرته الإنسانية الطويلة أدرك ارتباكي فكان جوابه ينساب كلحن بغدادي مترع بإيقاع الجورجينا.

“وليدي هذه البناية تعرضت للسلب والنهب ولم يتبق منها سوى صدى ضحكات وتنهدات وذكريات وبضع وريقات والسلة التي كانت تتجول بين طوابق البناية لتنقل البريد والمقالات والأخبار”.

تجرأت وسألته: هل يمكنني جمع ما تبقى منها؟

أجابني بضحكة اصطحبت معها دخانا معتقا من أعماق صدره.

لن تجد سوقا لتصريفها فلن يشتريها أحد.. أصحابها ماتوا جميعا.. معظمهم تحت التراب.. ومن تبقى منهم تسور جدار الغربة أو الصمت.

تركته وما زال في أذني ضحكات رياض قاسم وبضع جمل غير مفهومة لعبد الرزاق الربيعي ونكتة تطلقها هدية زوجة الروائي الراحل عبد الستار ناصر وخطوات مندوبي أخبار المحليات الذين صار أحدهم وزيرا للإعلام لاحقا.

وحين هممت بمغادرة المكان وجدت ورقة صغيرة كتب فيها “إذا عثرت على هذه الورقة أعدها الي سأكون في إنتظارك غريبا حزينا في لندن. التوقيع: كرم نعمة”.

شاعر ومسرحي عراقي

أقرأ أيضا