لنتأمل قليلا ما يجري في منطقتنا. كان الحوثيون يقاتلون القاعدة في اليمن زمن حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي كان مدعوما من المملكة العربية السعودية، وبعد قيام الاحتجاجات الشعبية ضده، تنازل عن الحكم لنائبه عبد ربه منصور هادي على وفق المبادرة الخليجية التي تزعمتها السعودية على أن تجرى انتخابات عامة يحكم بها الشعب اليمني نفسه، ثم ما لبث أن حارب الرئيس الجديد مدعوما من السعودية الحوثيين الذين قاتلوا القاعدة، لكن النتيجة التي خرجت بها السعودية إنها تتهم إيران المؤيدة للحوثيين بدعم الإرهاب!
إيران تدعم حزب الله الذي يقاتل مقاتلوه داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى في سوريا وعلى حدود لبنان مع سوريا، ولم يسجل في تاريخه إنه قام بأية عملية إرهابية داخل أراضي السعودية أو اي من دول الخليج، لكنها كلها تطلق عليه صفة “الإرهابي” وتطلق على إيران التي تدعمه صفة “الداعم للإرهاب”.
إيران تدعم النظام السوري الذي يقاتل داعش والمنظمات الإرهابية على أرضه، والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ، يقاتل داعش – بالغارات الجوية- على الأرض السورية والعراقية، لكن الإعلام الغربي وتابعه الإعلام العربي يدعي إن إيران “رأس حربة الإرهاب”،أي إنها أنشأت داعش والقاعدة، وتدعم من يقاتلها في سوريا والعراق ولبنان!
روسيا وإيران يدعمان النظام السوري وتضرب روسيا أهدافا للمنظمات الإرهابية على الأرض السورية، وهي نفسها الأهداف التي يعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضربها في سوريا، لكن الإعلام الغربي وتابعه الإعلام العربي غير راض عن الدور الروسي والإيراني في سوريا، لكنه راض على دور التحالف الدولي وتدعم دوله التحالف بالمال والإعلام والقواعد!
الولايات المتحدة تدعم العراق الذي يقاتل داعش، وإيران تدعم العراق الذي يقاتل داعش، لكن الإعلام العربي-والخليجي بعد قمة ترامب خاصة- يخرج علينا بنتيجة علينا قبولها هي إن إيران تدعم الإرهاب، أي إن إيران تقاتل نفسها في العراق، رغم إن الحقيقة التي ثبتت للجميع هي وجود أعداد بالمئات من العرب بين صفوف الإرهابيين وليس بينهم إيرانيا واحدا.
عندما كان صدام لايزال في الحكم، كانت وسائل الإعلام الغربية، تروج بين حين وآخر، إن صدام حسين يشكل تهديدا على أمن دول الخليج رغم وجود القواعد العسكرية الأمريكية في أغلب دوله بالإضافة إلى حاملات الطائرات والمدمرات والبوارج التابعة للبحرية الامريكية التي كانت تجوب مياه الخليج، وروجت الكثير من الأخبار والقصص التي تدعم إثارة مخاوف دول الخليج من نيات صدام تجاهها، ما دفعها لإنفاق مليارات الدولارات على الاسلحة والتجهيزات الحربية من المناشيء الغربية والأمريكية خاصة خشية هجوم صدام عليها.
بعد سقوط نظام صدام، إستخدمت وسائل الإعلام الغربية نفس الذريعة ولكن هذه المرة تجاه إيران، وجرى ويجري “تخويف” دول المنطقة من إيران لدفع دولها-كما فعلت السعودية في قمة ترامب- لإنفاق المليارات على شراء أسلحة للوقوف بوجه إيران، لماذا لأن متطلبات السياسة الأمريكية أن يجري تحجيم دور إيران غير السائرة في الفلك الأمريكي، والإستفادة القصوى من حالة الشد والتخندق الطائفي الذي تغذيه الدوائر المخابراتية والماكنة الإعلامية الغربية لما لذلك من عوائد مالية عظيمة حاضرا ومستقبلا للولايات المتحدة فضلا عن العوائد السياسية التي قد نأت على ذكرها في مقال آخر.