صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الاغتيالات وتداعيات اخرى (3/3)

 

ولا أدري عن أي انتخابات نتحدث في بلد ثلث أهله مشردون في خيام النازحين, ومناطقهم غير صالحة للسكن, وغياب كامل لاحزاب وطنية عابرة للطائفية والعنصرية.

 

وحتى قانون (الاحزاب السياسية) الذي صدر بتاريخ 17-9-2015 فيه الكثير من الغثرات الواجب علاجها قبل تطبيقه, ولم يقرأه ويعرفه الشعب اصلا! ثم تم الاستعجال في اقرار قانون (الحشد الشعبي) في البرلمان بتأريخ 26-11-2016. اذكر حينها نشر الشيخ (قيس الخزعلي) ورقة بخط اليد على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قال فيها: “الى كل الشرفاء…حشدنا دائم حتى ظهور القائم”. اذ هو الضامن لصوت الاغلبية, كما عبرعن ذلك في احدى لقاءاته.

 

وحدث في الايام 15-16-17/ 2 /2017 مؤتمر لسنة العراق بحضور دولي يبحث مستقبل المكون السني وتحديات مرحلة ما بعد الموصل. بحضور (بترايوس) الذي يذكرنا كيف قام بتأسيس (قوات الصحوات العشائرية) التي حاربت (تنظيم القاعدة) زمن الاقتتال الطائفي (2006-2007), ويعلم هو ان في صفوف هؤلاء المقاتلين الكثير ممن عمل مع القاعدة, بعدها اختلف معهم وانضم مع عدد من الجماعات المسلحة – التي قاتلت يوماً ضد القوات الاميركية – انضم تحت مسمى (الصحوات). خطوة بترايوس هذه نهج براغماتي(مصلحي) تمارسه الولايات المتحدة في سياستها وجميع انشطتها الامنية, والاقتصادية.., وتمكنت فعلا في اضعاف وربما انهاء دور القاعدة في العراق, والتخفيف الكبير من شدة المقاومة ضدهم – باستقطابها جماعات مسلحة – وحدث استقرار امني نسبي, واضافت صولة الفرسان (المالكي) مزيداً من الاستقرار للعراق انذاك.

 

إلا ان هذه الجهود ضاعت سدى بسبب الصراعات الحزبية, والتدخل الاقليمي, وتجهيل الجمهور وشحنه من أجل مصالح ضيقة.. ان هزيمة القاعدة في تلك الايام لم ينه وجودها من العراق, فهي موجودة اولا في العقول, وهي ايضا سوف تتخذ (تكتيك) جديد في المواجهة, كأن تنسحب مرة اخرى الى الصحراء وتشن هجماتها المعروفة . كما ان الطرف الكردي يعيد من جديد ترتيب الاوراق وفق رؤاه الانفصالية ويجتذب اليه المؤيدين هنا وهناك ولاسيما (الطرف السني).

 

إن كانت الخطط الانقلابية للجيش لم تفلح, والاضعاف الاقتصادي للبلد لم يأت بجديد, فإن أفضل الطرق المتاحة امام العدو هو احداث صراعات داخلية, باستغلال ثغرات الضعف في الجسد العراقي. لتمزيقه واعادة تشكيله من جديد. يذكرنا هذا الاسلوب بتفجير مرقد الامامين العسكريين, الذي حوّل فوهات كثير من البنادق عن القوات الاميركية, واتجهت صوب بعضنا البعض, واليوم سوف يتم اللعب بالنار من جديد, ولكن عن طريق التصفية للرموز والشخصيات, فهي بحسب اعتقادي اغتيالات وليس اغتيال واحد, لان المرشحون كثر, وجبهتنا الداخلية ضعيفة جدا!

 

وربما محاولة البدء بالسيد (مقتدى الصدر) كانت هي الاولوية الاولى. اذ سينفلت جمهور عريض ولن يستطيع رمز بعدها احتواء الموقف, وتتمكن القوات الاميركية من جديد اعادة الانتشار, خصوصا اذا عرفنا ان قواعدها منتشرة, وجاهزة. والمراد من وراء ذلك تحويل رقعة الصراع الى وسط وجنوب العراق, فعاصمة العراق الاقتصادية (البصرة) لن توافق على اعطاء نفطها من اجل اعادة اعمار المناطق الغربية والشمالية كما هي مطالب (ترامب)!. ونفط (كركوك) محتكر الى الاقليم, كما هو الحال في بقية المناطق المتنازع عليها, اضافة الى ذلك وجود (نفط وغاز) في المنطقة الغربية (صحراء الرمادي+ عكاز..) يزيد من تعقيد الازمات, والتكالب على العراق, بين الاطراف الدولية. ثرواتنا لابد ان تكون لنا ولاجيالنا نحن العراقيون, ويجب توفر كادر مهني عراقي يجيد ضمان الحق العراقي, قبل الفئوي والحزبي والمناطقي .. وان كانت الفيدراليات او الكونفدراليات لا مفر منها, فعلى جميع الاطراف العراقية الجلوس على طاولة الحوار ان بقي هناك ضمير ينبض للوطن!

 

واضح ان خياراتنا محدودة اليوم, فالارادة العراقية ضعيفة, وتجد نفسها معلقة بين طرفين ضاغطين, ايران ومن ورائها روسيا وحلفاء في الداخل, واميركا وحلفائها في الداخل ايضا. وإن كنا نريد تقوية هذه الارادة علينا رتميم بيتنا الداخلي عراقيا وأكررعراقيا أولا.

 

وهذا في اعتقادي يتطلب تأجيل الانتخابات عامين مقبلين, واقامة حكومة انتقالية بدعم الامم المتحدة – رغم ما لنا من تحفظات عليها – تأخذ على عاتقها تعديل الدستور, واصلاح القضاء وتنفيذ القوانين, واصلاح مفوضية الانتخابات, ومنع كل متهم بالفساد بترشيح نفسه, حتى يبت القضاء في أمره… وعلينا ان نفكر ونعمل بجد في الحلول الناجعة, وهنا اشير الى مسائل في غاية الاهمية الا وهي المناطق المتنازع عليها, ونهرا دجلة والفرات وسد اليسو التركي, وخورعبدالله , وحقول النفط ومجاري الانهار بين ايران والعراق كل هذه وغيرها تحال قضاياها للقانون الدولي. للاحتكام اليه. لابد من تنضيج الافكار السياسية للعراقيين, ليعفروا حقوقهم وواجباتهم. ونهج وطني, وتهيئة اجواء صحية للانتخابات قبل اي خطوة اخرى.

 

لقراءة الحلقة السابقة

 

http://al-aalem.com/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ba%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d8%ae%d8%b1%d9%89-23/

أقرأ أيضا